تشهد فرنسا أزمة سياسية جديدة بعد أن طلب رئيس الوزراء فرنسوا بايرو تصويتاً على الثقة بحكومته، على أساس مشروع موازنة 2026 الذي يتضمن إجراءات تقشفية بقيمة 44 مليار دولار، وإلغاء يومي عطلة رسمية بهدف خفض الدين العام الذي تجاوز 114% من الناتج المحلي.
لكن المعارضة المتمثلة باليسار وأقصى اليمين أعلنت بوضوح أنها ستصوت ضد الحكومة، ما يجعل سقوطها شبه محسوم يوم الاثنين المقبل. وبذلك يجد الرئيس إيمانويل ماكرون نفسه أمام استحقاق جديد لاختيار خامس رئيس وزراء منذ إعادة انتخابه في أيار 2022.
الأزمة الحالية تأتي في سياق عدم استقرار سياسي يعيشه البلد منذ حل الجمعية الوطنية في حزيران 2024 عقب فوز مدوٍّ لأقصى اليمين في الانتخابات الأوروبية. ومنذ ذلك الحين، توزعت المقاعد النيابية بين ثلاث كتل متنافسة بلا غالبية واضحة: أقصى اليمين، تحالف يساري، وتحالف ماكرون الوسطي، ما جعل تشكيل أي ائتلاف هشاً للغاية.
المعارضة اليمينية المتطرفة، ممثلة بحزب "التجمع الوطني"، دعت إلى "حل سريع جداً" للجمعية الوطنية تمهيداً لانتخابات مبكرة، حيث تظهر استطلاعات الرأي أنه الحزب الأقرب لتصدر الجولة الأولى. بالمقابل، يرفض ماكرون رسمياً الذهاب إلى هذا الخيار لكنه لا يستبعده تماماً، فيما يدعو حزب "فرنسا الأبية" اليساري المتشدد إلى استقالته المباشرة.
الحزب الاشتراكي طرح نفسه بديلاً ممكناً عبر موازنة بديلة تقوم على ضريبة بنسبة 2% على الثروات الكبيرة وتجميد إصلاح نظام التقاعد، لكن تمرير هذا البرنامج يهدد بتفكك الائتلاف الحاكم وانسحاب قوى مثل "الجمهوريين" و"آفاق" وحتى "موديم".
المحللون يرون أن المأزق السياسي لا يسمح بإصلاحات واسعة في المرحلة الراهنة، وأن الحل قد يكون بتسمية شخصية توافقية "مهدّئة" مثل رئيسة الجمعية الوطنية يائيل برون بيفيه أو وزير الاقتصاد إريك لومبار، بانتظار انتخابات 2027.
في الشارع، تتصاعد الدعوات إلى التعبئة الشعبية، حيث يُنتظر إضراب عام في 10 أيلول وتظاهرات نقابية في 18 أيلول، على غرار حراك "السترات الصفراء"، ما قد يزيد الضغوط على ماكرون ويقوي المعارضة اليسارية وأقصى اليمين.