قال الخبير العسكري والإستراتيجي، العقيد المتقاعد نضال أبو زيد، إن العملية التي أدت إلى مقتل أربعة جنود إسرائيليين في تفجير دبابة شمال قطاع غزة تؤكد أن الجيش الإسرائيلي لم يتمكن حتى الآن من تحقيق "التثبت أو التطهير" في تلك المنطقة رغم ادعاءاته المتكررة.
وأوضح أبو زيد أن وقوع العملية في جباليا أو شمالها يعكس قدرة المقاومة على التحرك في قلب مناطق الارتكاز العسكري الإسرائيلي، مشيراً إلى أن جباليا، رغم حجم الدمار الواسع فيها، لا تزال بيئة ملائمة للمقاومة لشن هجمات مؤثرة ضد القوات المتوغلة.
وكانت مصادر عسكرية إسرائيلية قد أقرت بمقتل أربعة جنود صباح الاثنين، في تفجير عبوة ناسفة بدبابة في جباليا شمالي القطاع، ما أدى إلى اشتعالها ومقتل طاقمها بالكامل، في وقت تستعد فيه إسرائيل لإطلاق عملية "عربات جدعون 2" لاجتياح مدينة غزة.
ورأى أبو زيد أن إعلان الجيش الإسرائيلي عن العملية بعد ساعات من وقوعها، خلافاً لنهجه المعتاد في التعتيم، يعكس ارتباكه أمام تعدد الأحداث الأمنية المتزامنة، لافتاً إلى أن هجوم القدس وإطلاق الطائرات المسيّرة من اليمن نحو إسرائيل أربكا المشهد الإعلامي والعسكري.
وأشار إلى أن حجم الخسائر البشرية يعزز احتمال أن تكون العبوة زرعت داخل الدبابة لا خارجها، في إطار كمين محكم أُعدّ بعناية، موضحاً أن هذا السيناريو يكشف قدرة المقاومة على التحرك من مسافة صفر والاقتراب من الآليات رغم الانتشار العسكري الكثيف.
وفي السياق نفسه، لفتت مواقع إسرائيلية إلى أن العملية جاءت في ظل حالة تأهب قصوى بين صفوف الجيش، الذي يواصل عمليات تدمير واسعة في غزة تشمل المباني المتبقية متعددة الطوابق لدفع السكان نحو النزوح القسري.
وبحسب أبو زيد، فإن تنويع المقاومة لعملياتها بين الليل والنهار يعكس مرونتها وقدرتها على التكيف مع ظروف الميدان، مشيراً إلى أن المراقبة الدقيقة والرصد الاستخباري مهّدا للتفجير في لحظة مناسبة، ما يفسر سقوط هذا العدد من القتلى في صفوف الجيش.
وأضاف أن العملية الأخيرة لا تنفصل عن عملية "عصا موسى" التي أعلنتها كتائب القسام، والتي باتت المقاومة من خلالها تعتمد تكتيكات منظمة ومترابطة تهدف إلى استنزاف الجيش الإسرائيلي وتثبيته في الأطراف ومنعه من التقدم نحو مركز مدينة غزة.
وأكد أبو زيد أن الأحداث الأخيرة تكشف زيف رواية وزير الدفاع الإسرائيلي بشأن السيطرة على 85% من القطاع، موضحاً أن إسرائيل فشلت في تحقيق ثنائية "التثبت والتطهير"، وما تقوم به لا يعدو كونه سيطرة بالنيران من دون تمكّن بري فعلي.
وشدد على أن استمرار المقاومة في تنفيذ عمليات داخل مناطق يزعم الجيش الإسرائيلي السيطرة عليها، وبث مقاطع للأسرى والجنود في غزة، كلها مؤشرات على عجزه عن فرض معادلة ميدانية مستقرة، وأنه بعد أكثر من 700 يوم من الحرب ما زال يفتقر إلى الحسم.
واعتبر أبو زيد أن اعتماد إسرائيل على القوة الجوية والنارية المكثفة لإحكام الضغط على غزة لا يحقق سيطرة ميدانية راسخة، مضيفاً: "الجو لا يمسك أرضاً ولا يحسم معركة"، وهو ما يفسر قدرة المقاومة على الاحتفاظ بحرية الحركة ومباغتة قوات الاحتلال بعمليات موجعة.