شهدت مدينة غزة، منذ ليلة الإثنين حتى فجر الثلاثاء، أعنف الهجمات الإسرائيلية منذ بدء التصعيد الأخير، إذ شنّت إسرائيل هجومًا جويًا مكثفًا استهدف الأبراج والبنايات السكنية في مختلف أنحاء المدينة، وسط تمهيد لعملية برية واسعة.
وبحسب وسائل إعلام محلية، فإن الجيش الإسرائيلي واصل منذ ساعات الليل تنفيذ عمليات نسف وتفجير عبر روبوتات مفخخة بين المنازل شمال غرب غزة، فيما أكدت صحيفة يسرائيل هيوم أنّ دوي الانفجارات الضخمة كان مسموعًا في تل أبيب. أما موقع يديعوت أحرونوت فأشار إلى أنّ المدينة تعرضت خلال 20 دقيقة فقط لـ37 هجومًا، بما في ذلك عبر الطائرات المروحية.
مصدر في هيئة الأركان العامة الإسرائيلية قال لوسائل إعلام عبرية إن "العملية ما تزال في بدايتها"، مشيرًا إلى أن الجيش لديه "مجموعة كبيرة من الأهداف". في المقابل، واصل الجيش الضغط على المدنيين في غزة لمغادرة المدينة باتجاه الجنوب.
موقع أكسيوس الأميركي نقل عن مسؤولين إسرائيليين أن الجيش بدأ هجومًا بريًا للسيطرة على مدينة غزة، بدعم من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وأوضح المسؤولون أن وزير الخارجية ماركو روبيو أبلغ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن واشنطن "تدعم العملية وتريد تنفيذها بسرعة"، مؤكدًا أن الإدارة الأميركية "لن توقف إسرائيل وستترك لها حرية القرار".
لكنّ تقديرات إسرائيلية داخلية عارضت المضي في العملية، إذ نصح رئيس الأركان إيال زامير ورؤساء أجهزة الاستخبارات (الموساد، الشاباك، المخابرات العسكرية) نتنياهو بالامتناع عن الهجوم، محذرين من أنّ الخطوة قد تعرّض حياة الرهائن الإسرائيليين للخطر، وتكبّد الجيش خسائر فادحة، وتفرض على تل أبيب السيطرة العسكرية الكاملة على غزة من دون ضمان القضاء على حماس.
أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" أن أكثر من 3500 مبنى دُمّر كليًا أو جزئيًا في غزة منذ بدء العمليات المكثفة في 11 آب الماضي. وأضافت أنّ الغارات الجوية المستمرة منذ الإثنين أوقعت 62 شهيدًا معظمهم في مدينة غزة.
كما أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع أنّ إسرائيل هجّرت قسرًا نحو 350 ألف شخص من شرق المدينة إلى وسطها وغربها، منذ بدء الهجوم البري في آب.
يأتي التصعيد في غزة بعد إعلان نتنياهو مطلع آب عزمه السيطرة على القطاع بالكامل "لضمان محيط أمني"، قبل تسليمه لاحقًا لسلطة مدنية. وفي موازاة ذلك، تصرّ إسرائيل على مسؤوليتها عن اغتيال قادة من "حماس" في الدوحة، بينما دعت القمة العربية الإسلامية الأخيرة إلى فرض عقوبات شاملة على إسرائيل وتعليق تزويدها بالسلاح.