"ليبانون ديبايت" - آمال سهيل
تأخذ زيارة مستشار وزير الخارجية السعودي الأمير يزيد بن فرحان إلى بيروت في هذا الوقت الحساس أبعاداً محلية وإقليمية، تهدف إلى ترتيب البيت السني الداخلي أولاً، ومن ثم ترتيب الأوضاع بما أمكن لمنع حرب شاملة عبر التمهيد لمسألة سحب السلاح، التي تشدد عليها المملكة كأولوية من أجل إعادة الإعمار وبناء الدولة.
وكان الأمير السعودي قد بدأ زيارته منذ مساء الجمعة، حيث التقى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون قبل مغادرة الأخير إلى نيويورك للمشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومؤتمر حل الدولتين.
ليعقد بعدها سلسلة لقاءات تمحورت في معظمها مع نواب سنة، من كتلة الاعتدال إلى النواب فيصل كرامي وحسن مراد اللذين كانا يدوران في فلك حزب الله ومستقلين، وبعض المسيحيين، واستثناء شيعي وحيد هو النائب علي حسن خليل، كونه موفدًا من الرئيس بري للقاء الأمير.
ووفق مصادر المجتمعين مع بن فرحان، فإن الأمير أبدى ارتياحًا واضحًا أمامهم من الخطوات التي بدأت الحكومة اللبنانية باتخاذها في موضوع حصر السلاح، مشددًا على أن المملكة تراقب بدقة خطوات الحكومة في هذا الخصوص.
وتطرّق النقاش إلى موضوع إعادة الإعمار، كما طالب بإجراء تحسينات من أجل تدفّق الاستثمارات التي تنتظر بناء الدولة عبر سلسلة من القوانين الإصلاحية وبسط السيادة على كافة الأراضي اللبنانية.
وكما أبدى حرصًا على سحب سلاح حزب الله، فإن الأمير تقصّى أيضًا، كما يوضح زواره، عن المراحل التي وصل إليها تسلّم السلاح من المخيمات الفلسطينية.
وتشير مصادر مواكبة للحركة السعودية في لبنان، إلى أن المملكة اليوم عادت لتفرض وجودها في الداخل اللبناني، لا سيما على المكوّن السني، حيث تسعى، من وجهة نظر هؤلاء، إلى التمهيد لانتخابات نيابية تُمكّن من الاستئثار بكتلة سنية كبيرة تحت المظلة السعودية في المجلس النيابي المقبل. وترى الأوساط أن هذه المساعي بدأت تثمر.
ولكن العقدة تبقى مع المكوّن الشيعي، برأي المصادر، الذي وإن أبدى انفتاحًا على المملكة بدفع إيراني، إلا أن المخاوف تبقى مبرّرة لديه، لا سيما بعد التطورات الأمنية الكبيرة في المنطقة، والتي لا تزال تبرر له الاحتفاظ بسلاحه. وهو ما تحاول المملكة اليوم تبديده عبر تأكيد بن فرحان، وفق التسريبات التي جرت، حرص المملكة على المكوّن الشيعي ووجوده في الحياة السياسية اللبنانية.
وإذ ترى المصادر أن دعوة أمين عام حزب الله الأخيرة للمملكة تُعتبر بادرة جيدة، إلا أن ذلك لا يُبدد، برأيها، أعوامًا من الخصومة الحادة بين الطرفين، وبالتالي فإن الأمور بحاجة إلى مزيد من الوقت لتنضج.
وتأكيدًا على حرص المملكة على التعاون مع المكوّن الشيعي، من المنتظر أن يزور بن فرحان الرئيس بري في الساعات المقبلة، حيث ترجّح المصادر أن يطال النقاش دعوة الحزب للمملكة، والوقوف على رأي المملكة منها، فيما سيجدّد الأمير السعودي تأكيده على رؤية المملكة للعلاقة مع الطائفة الشيعية في لبنان ومدى أهميتها في التكوينة اللبنانية.
وقد يكون اليوم الوطني السعودي محطة لإظهار مدى قرب المملكة من كافة المكوّنات، في حال حصلت دعوة مفاجئة تشكّل انفتاحًا على حزب الله ونوابه للمشاركة في المناسبة.
فهل يفعلها بن فرحان؟ كما تسأل المصادر.