تتواصل استعدادات السلطات السورية لإجراء انتخابات مجلس الشعب في 5 تشرين الأول المقبل، في مناطق سيطرة الحكومة السورية، مع استبعاد المناطق الخارجة عن سيطرتها.
وتواجه هذه الانتخابات تحديات كبيرة، تبدأ من طريقة إجرائها عبر اعتماد الهيئات الناخبة، مروراً بانسحاب مرشحين، ووصولاً إلى استبعاد شخصيات بارزة.
وقال عضو الهيئة الناخبة في محافظة حلب، ماجد عبد النور، إنّ "إجراء الانتخابات بالطريقة الحالية غير سليم، لعدم توفر بيئة مناسبة لأسباب عديدة، أبرزها أنّ نصف الشعب السوري مهجّر ولا يمتلك وثائق رسمية، إضافة إلى تقسيم الجغرافيا السورية، حيث إنّ السويداء وقسماً كبيراً من محافظتي الحسكة والرقة ما زال خارج سيطرة الدولة".
وأضاف عبد النور، وهو عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصحافيين السوريين، في حديث إلى وكالة الأنباء الألمانية: "الوضع الحالي لا يسمح بإقامة انتخابات وصناديق اقتراع، ولذلك فإنّ الانطلاق عبر الهيئات الناخبة هو الحل الأمثل لتشريع القوانين".
من جهته، كشف المحلل السياسي بسام سليمان أنّ "مؤتمر النصر كلّف الرئيس أحمد الشرع بتشكيل مجلس شعب انتقالي، لكن بعد الاجتماع الذي عُقد بين الرئيس الشرع ولجنة صياغة الدستور، تقرّر أن يكون المجلس تعيينياً، بحيث يُنتخب ثلثاه ويُعيَّن الثلث الباقي من قبل الرئاسة، وذلك لتأمين وجود تقنيين ولجان قانونية واقتصادية، إضافة إلى تمثيل الأقليات".
وأشار سليمان إلى أنّ "النقاش حول عضوية المجلس استند إلى آخر إحصاء وسجل للأحوال المدنية قبل عام 2011، واعتمد على قاعدة أنّ كل 150 ألف شخص لهم ممثل في مجلس الشعب".
وقد فُتح باب الترشح للهيئات الناخبة بفئتي الكفاءات والأعيان، حيث فُرض شرط الشهادة الجامعية لفئة الكفاءات، والثانوية لفئة الأعيان، وتقدّم أكثر من 6500 شخص، قبل أن ينسحب بعضهم لاحقاً.
وقال رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، محمد طه الأحمد: "عملت اللجنة العليا بكل جهدها لإنجاح العملية الانتخابية رغم صعوبة الأوضاع". وأضاف أنّه "بعد إجراء انتخابات الهيئات الناخبة وصدور نتائجها، يتم اختيار الثلث المخصص لرئيس الجمهورية، بما يسمح بترميم ما يمكن ترميمه لجهة الكفاءات والأقليات والمرأة".
في المقابل، أعلن عضو الهيئة الناخبة لمحافظة القنيطرة، الدكتور مزعل العلي، انسحابه من الانتخابات بسبب ما وصفه بـ"السياسة المتبعة من قبل اللجنة العليا، وإقصاء أبناء الثورة". وأكّد العلي أنّ "ثمانية من أعضاء اللجان الناخبة في القنيطرة انسحبوا، إضافة إلى العشرات في محافظات أخرى، بسبب الإقصاء الذي طاول الثوار الحقيقيين".
كما أوضح الشيخ ممدوح الطحان، الذي استُبعد من اللجنة الناخبة في محافظة القنيطرة، أنّ "عملية الإقصاء جرت بمباركة القضاء، من دون وجود أدلة على الطعون المقدمة"، لافتاً إلى أنّ بعض القرارات "استندت فقط إلى شهادات شهود، من دون التحقق من الأدلة أو الوثائق الرسمية، ودون منح المستهدفين حق الدفاع والاعتراض، ما يُعد خرقاً لمبادئ العدالة والمساواة أمام القانون".
وأضاف الطحان أنّ "بناء الطعون على شهادات أشخاص قد تكون لهم مصالح مشتركة أو خصومات شخصية، يجعل من السهل إقصاء أي ناخب أو مرشح بغض النظر عن تاريخه أو مكانته الاجتماعية، وهو ما يُعد انتهاكاً لحق المواطنة".
وفي السياق نفسه، قال محمد إسماعيل من محافظة الرقة إنّ "اختيار أعضاء الهيئات يجب أن يستند إلى معايير خدمة المجتمع والكفاءة العلمية، لا إلى اعتبارات عائلية أو شخصية"، فيما انتقد عبد العزيز خلف من حلب "عملية اختيار الأعضاء، التي لم تعتمد على المهنية والكفاءة بقدر ما خضعت لحسابات شخصية، ما أدى إلى استبعاد شخصيات فاعلة ومؤثرة".
وبحسب رئيس اللجنة العليا، انطلقت الدعاية الانتخابية صباح الإثنين، على أن تنتهي مساء الجمعة، ليكون السبت يوم صمت انتخابي، فيما يُجرى الاقتراع يوم الأحد 5 تشرين الأول بدءاً من التاسعة صباحاً حتى إغلاق صناديق الاقتراع، على أن تبدأ عمليات الفرز عند الرابعة بعد الظهر.