في هذا السياق، يقدّم الباحث والخبير الاقتصادي الدكتور محمود جباعي قراءة تحليلية لمسار هذه السندات وتوقعاته بشأن مستقبلها، محدّدًا العوامل التي تؤثر في سعرها، والسيناريوهات المحتملة في حال انطلقت مفاوضات جدّية مع حملة السندات.
ويرى الدكتور محمود جباعي في حديث الى "ليبانون ديبايت" أن أسعار السندات اللبنانية بالعملة الاجنبية، أي سندات اليوروبوند، تستمر في الارتفاع، إذ وصلت تقريباً إلى 24 سنتاً لكل سند من القيمة الاسمية، أي ما نسبته نحو 24% من القيمة الفعلية للسند في السنة، هذا الرقم كان متوقعاً أصلاً، فمنذ أن كان السعر بين 6 و7 سنتات، موضحاً انه سبق له مع مجموعة خبراء إن السعر سيصل إلى حدود 24 أو 25 سنتاً بالمبدأ، وذلك بمجرد أن تكون هناك رؤية واضحة أو إحساس بإمكانية التوصل إلى اتفاق لحل هذه الأزمة.
ويذكر بتصنيف وكالة S&P للبنان في خانة SD، واعتبرت بهذا التصنيف أن لبنان متخلف عن دفع سندات اليوروبوند، لأنه اختار عدم الدفع، وهذا يعني تخلفاً عن السداد.
في المقابل، بقي لبنان ملتزماً بدفع ديون أخرى، وهي الديون الخارجية الناتجة عن المؤتمرات التي كانت تُعقد في فرنسا أو في بروكسل لدعم لبنان. ولا يستبعد أن يكون ذلك مؤشراً على أن لبنان قد يعود للتفاوض مع حملة السندات في المرحلة المقبلة من أجل استعادة بعض التعافي في موضوع التصنيف الائتماني بالعملات الأجنبية والديون بالعملات الأجنبية، فإن هذا الأمر يشكّل مؤشراً للتجار في السوق لشراء كميات من سندات اليوروبوند. وكلما ارتفع الطلب على هذه السندات ارتفع سعرها.
أما عن الرقم الذي ممكن أن يصل له سعر السند فيؤكد أنه لا أحد يستطيع تحديد الرقم الدقيق. وبرأيه، إن السعر الحالي كان متوقعاً، خاصة أنه في الخطة الأساسية للحل يجب أن تعالج ملف حملة اليوروبوند. فالمصارف اللبنانية تحمل هذه السندات، وكذلك مصرف لبنان، وأيضاً المودعون، بالإضافة إلى شركات أجنبية، وهذا الموضوع لا بد أن يُعالَج لاحقاً، والدولة اللبنانية من المؤكد ان ستفاوض حاملي السندات حول هذه السندات لا سيما في موضوع الفوائد وكيفية التعامل معها. ومن هنا يأتي هذا الزخم في موضوع الطلب على اليوروبوند.
أما بخصوص تحديد السعر النهائي، فلا يستطيع كما الجميع أن يجزم بمستواه، لأنه ليس بالضرورة أن يكون المؤشر دائماً صاعداً، بل إن الأمر خاضع للسوق، أي للعرض والطلب. فقد رأينا في الفترة الماضية أن السعر ارتفع إلى حدود 19 سنتاً، ثم هبط إلى حدود 15 أو 14 سنتاً، قبل أن يعاود الصعود. فالمسألة كلها مرتبطة بالعرض والطلب، وهي تبنى على تكهنات مرتبطة بالتفاوض والحلول. وإذا تأخرت الحلول قد يتأثر السعر سلباً، أما إذا تسارعت الحلول فقد يتأثر إيجاباً.
لذلك، لا يرى أنه من الصواب أعطاء سعر ثابت لسندات اليوروبوند في هذه المرحلة، واليوم، كل من يتعامل بهذه السندات يجب أن يعرف أنه يعمل ضمن منطق العرض والطلب، باستثناء المودع الذي وضع امواله باليوروبوند أو مصرف لبنان الذي قام بشراء سندات اليوروبوند، أو بعض المصارف التي أدرجتها ضمن رأس المال، فهذا موضوع مختلف ،اما الذي يتاجر في التداولات اليومية لليوروبوند فهي مسألة تخضع بالكامل لقوانين العرض والطلب، شأنها شأن أي سهم أو سلعة.
وعليه، لا يستطيع أن يعطي سعراً محدداً، لأن ذلك مرتبط بجملة من التفاصيل في المرحلة المقبلة. ويبقى السوق هو الذي سيحدد السعر، بانتظار أن تعلن الحكومة رؤيتها الواضحة في كيفية التعاطي مع حملة السندات والتفاوض معهم.