الأقمار الصناعية تكشف: أميركا تنشر "صائدي الغواصات" قرب روسيا!

وسط التوتر الروسي – الأميركي الذي عاد إلى الواجهة مؤخراً، أظهرت صور أقمار صناعية أنّ الولايات المتحدة نشرت طائرات استطلاع بحرية متقدمة من طراز "P-8 بوسايدون"، المعروفة باسم "صائدي الغواصات"، في النرويج، ونفّذت طلعات قرب إقليم كالينينغراد الروسي المطلّ على بحر البلطيق.

ووفق ما ذكرت صحيفة "نيوزويك" الأميركية، فإن الصور التي نشرها حساب Osinttechnical المتخصص بالتحليلات الاستخباراتية على منصة "إكس"، كشفت وجود طائرتين أو ثلاث من هذا الطراز في مطار غاردرموين العسكري قرب أوسلو في 23 أيلول. وتُستخدم هذه الطائرات في مهام تعقّب الغواصات، وجمع المعلومات الاستخباراتية، ومراقبة الأنشطة البحرية، في وقت يتصاعد فيه التوتر بين موسكو وحلف شمال الأطلسي (الناتو).

كما أكد متحدث باسم مقر عمليات القوات المسلحة النرويجية لصحيفة "داغبلاديت" المحلية، يوم السبت الماضي، أنّ عدة طائرات أميركية من طراز "P-8 بوسايدون" انطلقت من مطار غاردرموين لدعم "أنشطة الحلفاء" في المناطق المجاورة للنرويج.

وبحسب المعلومات، شملت المهام رصد النشاط الروسي في بحر البلطيق، خصوصاً قبالة كالينينغراد التي تُعدّ القاعدة العسكرية الأهم لروسيا في شمال أوروبا. وكانت صور سابقة قد أظهرت انتشار طائرات "P-8 بوسايدون" تابعة للبحرية الأميركية في قاعدة كيفلافيك الجوية في آيسلندا، حيث شاركت في مهمة يقودها الناتو تحت الاسم الرمزي "حارس البلطيق" في أواخر تموز، بهدف تحسين قدرة الحلف على الرد على الأعمال المزعزعة للاستقرار، وفق التصريحات الرسمية.

ويأتي ذلك في ظل قلق غربي متزايد من تهديدات موسكو للبنى التحتية تحت البحر، مثل خطوط الغاز وكابلات الإنترنت، إلى جانب رصد نشاط طائرات مسيّرة مشبوهة في بولندا والدنمارك والنرويج.

سياسياً، جاءت الخطوة الأميركية عقب سلسلة تطورات حساسة، أبرزها تسجيل اختراقات روسية متكررة لأجواء دول الناتو في شمال أوروبا، ما دفع الحلف لزيادة نشاطه العسكري في البحر والجو. كما تلت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي وصف فيها نظيره الروسي فلاديمير بوتين بأنه "خصم خطير"، لكنه أبدى استعداداً "للتفاهم"، مؤكداً في الوقت نفسه أنّ كييف قادرة على استعادة جميع أراضيها.

إلى ذلك، نقلت وسائل إعلام أميركية عن ترامب أنه يدرس تزويد أوكرانيا بصواريخ كروز بعيدة المدى والسماح لها بالرد داخل العمق الروسي على الضربات التي تستهدف منشآتها.

وتكمن أبرز نقاط تفوق طائرات "P-8 بوسايدون" في تجهيزها برادارات متطورة وأنظمة استشعار لرصد الغواصات والسفن، فضلاً عن قدرتها على التزوّد بالوقود جوّاً لتنفيذ دوريات طويلة فوق مساحات شاسعة من المحيط. وتستخدمها الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج ضمن استراتيجية لرفع مستوى اليقظة البحرية في ما يُعرف بـ "بحيرة الناتو"، أي بحر البلطيق، بعد انضمام فنلندا والسويد إلى الحلف.

ولا تزال الأنظار متجهة إلى البنتاغون لمعرفة ما إذا كان سيوسّع وجوده العسكري في أوروبا ضمن مهمة "حارس البلطيق" (Baltic Sentry) التي يقودها الناتو. وفي ظل تبادل الرسائل النارية بين واشنطن وموسكو، يُتوقع أن يبقى بحر البلطيق واحداً من أكثر المسارح حساسية في المواجهة بين الطرفين خلال الأشهر المقبلة.