لا يزال الجدل محتدمًا في سوريا حول آلية اختيار أول برلمان بعد الإطاحة بحكم بشار الأسد، وهي العملية التي انتهت الأسبوع الماضي ووصِفت بأنها سابقة سياسية لكنها لم تُقنع جميع الأوساط الشعبية والسياسية. كثيرون اعتبروا أن ما جرى لم يكن انتخابات مباشرة بالمعنى التقليدي، فيما اعتبر آخرون أنها خطوة انتقالية مؤقتة تفرضها الظروف.
المتحدث باسم اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، نوار نجمة، قال إن العملية "ليست تعيينًا كاملًا ولا انتخابات شعبية مباشرة"، موضحًا أن إعداد النظام الانتخابي المؤقت جرى في ظل تحديات لوجيستية وديموغرافية وسياسية حالت دون إجراء اقتراع شامل ومباشر. وأشار إلى أن اللجنة حاولت إيجاد معادلة تُرضي الناس وتخفّف من حساسية الولاءات المتقلبة داخل المجتمع، واصفًا ذلك بأنه من أصعب مراحل العمل، لكنه أشار إلى أن تصحيح الأخطاء يبقى أفضل من الإصرار عليها.
وبحسب اللجنة الانتخابية، جرى اختيار غالبية مقاعد البرلمان عبر هيئات مناطقية شُكّلت خصيصًا لهذه المهمة، على أن يستكمل التشكيل بتعيينات رئاسية. وقد شارك آلاف الأشخاص في عملية اختيار الأسماء ضمن هذه الهيئات، بينما بقيت محافظات مثل السويداء والرقة والحسكة خارج العملية لأسباب وُصفت بأنها "أمنية". وترافق ذلك مع مؤشرات على ضعف تمثيل المرأة، إذ لم تتجاوز نسبة المرشحات نسبة رمزية مقارنة بالرجال، رغم الحديث المتكرر عن ضرورة إشراكها في الحياة السياسية.
نوار نجمة قال إن "النجاح الظاهر في الصناديق كشف أيضًا أمراض المجتمع ونقاط ضعفه"، معتبرًا أن البرلمان لا يمكن أن يتحول إلى مساحة شكلية أو إلى "أقلية سياسية معزولة عن الناس". وأضاف أن عددًا من الشخصيات التي وصلت إلى المجلس تحمل خلفية ثورية أو كفاءة واضحة، لكنه شدّد على أن العمل الحقيقي يبدأ الآن، لا لحظة إعلان النتائج.
وختم بالقول إن المرحلة المقبلة تتطلب "اندماجًا حقيقيًا للمجتمع السوري"، داعيًا إلى الانتقال من منطق الصراع والشعار الشهير "الشعب يريد إسقاط النظام" إلى منطق البناء تحت عنوان "الشعب يريد بناء الوطن"، محذرًا من أن أي مؤسسات جديدة بلا ثقافة سياسية مختلفة لن تحمل تحولًا حقيقيًا مهما حملت من رمزية.
الـــمــــزيــــــــــد
