تستعدّ المنظمات الإغاثية لتكثيف عملياتها وتوسيع توزيع المساعدات في قطاع غزة المنهك، بعد إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس. وأكد مسؤولون عن برنامج الأغذية العالمي ومنظمة "أطباء بلا حدود" والمجلس النرويجي للاجئين لوكالة فرانس برس أنّهم "جاهزون" لتوسيع نطاق عملهم فور تثبيت الهدنة.
أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أنّه حصل على الضوء الأخضر من إسرائيل لإدخال 170,000 طن من المساعدات، مؤكّدًا أنه وضع خطة استجابة إنسانية تغطي أول 60 يومًا من وقف الحرب.
وقال جاكوب غرانغر من "أطباء بلا حدود" إنّ "الاحتياجات الأساسية في غزة ملحّة: المعدات الطبية، الأدوية، الغذاء، المياه، الوقود، والملاجئ الملائمة لِـ 2,000,000 شخص سيواجهون الشتاء من دون سقف".
بعد عمليّات عسكرية عنيفة استمرت عامين، تضرّمت معظم البنية التحتيّة في القطاع، بما في ذلك شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي. وتؤكد الأمم المتحدة أنّ كميات المساعدات التي دخلت غزة خلال الأشهر الماضية لم تكن كافية، رغم تخفيف جزئي للحصار منذ آذار. وفي 22 آب أعلنت الأمم المتحدة رسميًا حالة المجاعة في غزة، وهي الأولى في الشرق الأوسط، بعد تحذير خبرائها من أنّ نحو 500,000 شخص يعيشون "كارثة إنسانية".
وعبر فلسطينيون عن تفاؤل حذر بوصول شحنات غذاء جديدة؛ فقال مروان المدهون (34 عامًا)، نازح من وسط القطاع: "أطفالي سعداء لأنهم سيسمعون أخيرًا بقدوم اللحوم والدجاج... لقد حرموا منها لعامين. أخيرًا ستفتح المعابر".
تنصّ خطة الرئيس الأميركي على أن "المساعدات الكاملة سترسل فورًا إلى قطاع غزة" بمجرد دخول الاتفاق حيز التنفيذ، "من دون أي تدخل من الطرفين". وأبدى عدد من مسؤولي المنظمات التفاؤل لكنهم عبّروا أيضًا عن مخاوف من غياب معلومات رسمية من الجانب الإسرائيلي حول آليات التطبيق، مؤكدين أن التحدّي الرئيسي الآن هو إمكانية الوصول ووصول الشاحنات دون قيود.
وقال مدير برنامج الأغذية العالمي في الأراضي الفلسطينية أنطوان رينار من دير البلح إنّ الخطة تشير إلى العودة إلى آليات الهدنة السابقة في كانون الثاني، لكنّ الواقع تغيّر كثيرًا بسبب النزوح الجماعي الذي شهدته مناطق شمال القطاع منتصف أيلول، مما زاد الضغط على الوسط والجنوب.
أعربت منظمات إنسانية عن قلقها من أنّ إسرائيل قد تفرض قيودًا أو آليات تسجيل جديدة على عمليات التوزيع، علماً أنّ بعض الإجراءات الإدارية فرضتها تل ابيب في الربيع، ما حال دون مشاركة بعض المنظمات. وأشار مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى أنّ أكثر من 1,000 شخص قتلوا قرب مواقع "مؤسسة غزة الإنسانية" خلال عمليات التوزيع السابقة.
ورغم الاتصالات المحدودة مع الوسطاء، قالت المنظمات إنّها لم تُشرك بشكل كامل في تفاهمات وقف النار، وحذّرت من أن ربط المساعدات بآليات سياسيّة قد يحوّلها إلى "عملة للمقايضة"، وفق تعليق المتحدثة باسم المجلس النرويجي للاجئين شاينا لو، التي أشارت إلى أنّ "المساعدات الإنسانية حقّ أساسي ولا يجب أن تُستخدم كورقة مساومة، تمامًا كما الرهائن".