"ليبانون ديبايت"
أكثر من 25 شخصية من القادة والرؤساء وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية يشاركون في قمة شرم الشيخ، أبرزهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حيث بدأت الوفود بالوصول إلى مصر اليوم، ويسبق "قمة السلام العالمية"، وفق ما تم إطلاق التسمية عليها، قمة ثنائية تجمع الرئيسين ترامب والسيسي.
وهنا يُطرح السؤال الأبرز: هل هذه القمة هي "سايكس بيكو" بحلّة جديدة لإعادة رسم خريطة المنطقة؟ وهل هي فعلاً قمة سلام بين الدول العربية والإسلامية وإسرائيل؟ في ظل غياب ملحوظ لأي ممثل فلسطيني أو لبناني أو حتى سوري، حيث تُختزل حروب المنطقة بهم.
وفي هذا الإطار، يوضح الكاتب والمحلل السياسي توفيق شومان في حديث إلى "ليبانون ديبايت" أن هدف القمة ليس الذهاب نحو إعادة ترسيم الخرائط وخلق بيانات سياسية وجغرافية جديدة، بل يقتصر الهدف على إنهاء حالة غزة والاتجاه نحو تطبيع العلاقات العربية – الإسرائيلية، وما بعد ذلك أي العلاقات الإسلامية – الإسرائيلية، امتداداً إلى إندونيسيا.
ويرى أنه من المهم مراقبة مشاركة باكستان في القمة التي سبق أن رحبت بها ومن المرجّح حضورها، أما بالنسبة إلى إيران، فمن المؤكد أنها لن تشارك رغم توجيه دعوة لها، لذلك فالضوء مسلط على باكستان، لا سيما أن هدف القمة بصورة أساسية هو التمهيد لتطبيع العلاقات بين العالمين العربي والإسلامي مع إسرائيل.
ويتوقف عند ما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أنه يسعى إلى مصالحة، وبالتالي إلى سلام بعد حروب دامت 3 آلاف سنة، بما يعني أنه استعان بالتوراة، معتبراً أن اليهود بصورة عامة هم ضمن حالة حربية وعسكرية وقتالية مع المنطقة، ومن هذا المنطلق استخدم هذه المدة الزمنية الطويلة، وهو هنا يحاول أن يصنع تاريخاً موافقاً للتاريخ التوراتي.
وبالعودة إلى المقارنة مع سايكس بيكو، فلا يظن شومان أن المنطقة تتجه نحو إعادة رسم الخرائط، ولكن يجب التنبه إلى ثلاث مسائل أساسية لها علاقة بفلسطين المحتلة:
الجنوب السوري تحوّل إلى منطقة عازلة تحت الوصاية الأمنية الإسرائيلية.
وفي جنوب لبنان بات واضحاً أن دولة الاحتلال تريد إقامة منطقة عازلة تحت مسمى "المنطقة الاقتصادية"، وهي لن تكون تحت سلطة الدولة اللبنانية، وفق المشروع المطروح، والذي قد ينجح أو لا ينجح، لأن هذه المنطقة سوف تُقام وفق الرؤية الإسرائيلية – الأميركية وبتمويل عربي، وبالتالي سلطة إدارتها يجب أن تكون خاضعة للخارج.
وفي قطاع غزة فإن خطة ترامب تتحدث عن "محيط أمني"، بما يعني اقتطاع مساحة من قطاع غزة.
وبهذا المعنى، هناك تعديل للحدود ضمن رؤية أميركية – إسرائيلية تعمل على تعديل الحدود التي تجاور فلسطين المحتلة أو الكيان الإسرائيلي، أما على مستوى الدول القائمة، فلا يعتقد أن الأمور ستذهب إلى تغيير في هذا الاتجاه.
وحول غياب أي تمثيل فلسطيني في القمة، رغم أن الفلسطينيين هم المعنيون بها، يعود شومان إلى النقاط العشرين في ورقة ترامب، فهي لم تتحدث عن دولة فلسطينية، بل عن "أفق سياسي"، وفي النقطة 19 تحدث عن مسعى لإيجاد حوار فلسطيني – إسرائيلي قد يؤدي إلى دولة فلسطينية.
والهدف الأساسي، برأيه، من القمة هو البحث عن أفق سياسي، ولكن بما له علاقة بالسلطة الفلسطينية أو "حماس"، وعدم عدوّتهما، فإن الأمر يتعلق بتبني الولايات المتحدة للرؤية الإسرائيلية التي تعتبر أنه لا يوجد شريك فلسطيني، لا السلطة ولا "حماس"، مذكّراً بما قاله نتنياهو في أكثر من مرة: "إن حماس تريد تدميرنا الآن، والسلطة تريد تدميرنا على مراحل". ويعتبر بالتالي أنه لا وجود للشعب الفلسطيني، مما يعني أنه لا دولة فلسطينية من وجهة نظره، وهذا شأن كل فريقه الوزاري، حتى من هم في المعارضة الذين يعتبرون إقامة دولة فلسطينية يعني إقامة دولة عدوة تجاور إسرائيل ولا طائل منها، بل هي تشكل خطراً استراتيجياً على إسرائيل.
ومن هذا المنطلق، يرى شومان أن القمة ليس الهدف منها إيجاد حل للدولة الفلسطينية، بل الهدف جمع الدول العربية وبعض الدول الإسلامية وفتح الطريق أمام مصالحة عربية – إسرائيلية.
أما حول عدم مشاركة إيران وتأثير ذلك على النتيجة المرجوة من القمة، فيشدد على أنه بالنسبة لإيران فلا يمكن أن تحضر القمة، لأنه وفق تصريح وزير خارجيتها عباس عراقجي، فإن إيران لا يمكن أن تتخلى عن مبادئها، لكن في الوقت نفسه الموقف الإيراني بالنسبة للعدو موقف غير قابل للتغير، لأن تغييره يعني أن إيران غيّرت نفسها، وهذا لا يمكن أن يحصل بالنسبة إلى الإيرانيين.
هذا الموقف ثابت، برأيه، رغم دعوة ترامب في خطابه، حيث قال: "إن إيران مدعوة إلى السلام"، لأن الإيرانيين لا يمكن أن يتجاوبوا مع هذا الأمر. لذلك من المتوقع نوع من التصعيد الاقتصادي على الأرجح ضد إيران، وبالتالي دفع دول أخرى إلى الالتزام بمنظومة العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.
أما عن احتمالات التصعيد العسكري ضد إيران، فلا يرى مؤشرات لذلك، رغم عدم استبعاد هذا الاحتمال، لكنه احتمال غير قريب، وموجود على الطاولة، إلا أن الأولوية اليوم للتصعيد السياسي والدبلوماسي والاقتصادي، وهو الأكثر ترجيحاً.