المحلية

محمد المدني

محمد المدني

ليبانون ديبايت
الثلاثاء 14 تشرين الأول 2025 - 07:08 ليبانون ديبايت
محمد المدني

محمد المدني

ليبانون ديبايت

لبنان لن ينعم بـ "السلام"

لبنان لن ينعم بـ "السلام"

"ليبانون ديبايت" - محمد المدني


القمّة التي انعقدت في شرم الشيخ أمس تحت عنوان "السلام" في غزة بمشاركة دول عربية وغربية كبرى كشفت بوضوح موقع لبنان في الخريطة السياسية الجديدة للمنطقة. لم يُدعَ لبنان، ولم يُطلب رأيه، ولم يُستشر في أي تفصيل، وهو غياب يوضح مرة جديدة مدى تهميش الدولة اللبنانية في القرارات الإقليمية المصيرية.


هذا الغياب يعكس واقعًا سياسيًا مريرًا، حيث فقد القرار اللبناني استقلاله منذ زمن، وتحول الموقف الرسمي إلى صدى لصراعات الخارج، وساحة مفتوحة لتجاذبات القوى الإقليمية. والمفارقة الكبرى أنّ إيران، التي تُتّهم بأنها تمسك بورقة لبنان عبر حزب الله، رفضت بدورها حضور القمة، ما يسلّط الضوء على ازدواجية الواقع اللبناني وهو أن الدولة غائبة وآخرون يقررون مصيرها.


لكن الرفض الإيراني حضور القمة يحمل أكثر من معنى. أولًا، هو رسالة تحدٍ واضحة للمجتمع الدولي، مفادها أن طهران لا تشارك في مؤتمرات تعتبرها موجّهة ضدّها أو تُدار من عواصم تراها معادية لها. ثانيًا، هو موقف مدروس يحاول إبقاء إيران خارج دائرة الالتزامات السياسية، لتبقى حرة في استخدام أوراقها متى تشاء، سواء في لبنان أو غزة أو اليمن. بذلك، فإن رفض الحضور لا يعني غياب التأثير، بل على العكس، يؤكد قدرة إيران على تعطيل أي طاولة حوار حتى من دون المشاركة الفعلية فيها.


إضافة إلى ذلك، فإن هذا الغياب المزدوج، لبنان عن الدعوة وإيران عن الحضور، يضع الدولة اللبنانية في موقف ضعف مزدوج. إيران التي ترفض الجلوس إلى الطاولة، تسمح لأذرعها بالتحدث باسم دول غائبة، كلبنان الذي يدفع ثمن ارتباطه بمحور لا يشارك ولا يترك غيره يشارك. ونتيجة لذلك، يصبح لبنان عاجزًا عن حماية مصالحه، ويصبح مصيره مرتبطًا بقرارات خارجية لا تراعي سيادته ولا مصالح شعبه.


هذا الواقع يترتب عليه أضرار مباشرة وغير مباشرة على لبنان، فهو تهميش على المستوى السياسي والإقليمي، وفقدان قدرة الدولة على فرض موقفها، وتعميق الانقسامات الداخلية، واستمرار سيطرة السلاح خارج إطار الدولة. كل ذلك يجعل لبنان الحلقة الأضعف في أي نقاش إقليمي أو محاولات لحل النزاعات في المنطقة، ويزيد من احتمال أن تُتخذ قرارات تمس مصالحه دون أن يكون له أي صوت مسموع.


في الختام، هل سيتعامل الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مع الملف اللبناني بروح السلام التي أظهراها في شرم الشيخ، أم أن تلك الشعارات ستتوقف عند حدود غزة بينما لن ينعم لبنان بالسلام إلا بعد الاستسلام؟

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة