تصدّرت المبادرة التفاوضية التي أطلقها رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون المشهد السياسي في لبنان، بعد دعوته إسرائيل إلى استئناف المفاوضات غير المباشرة في الناقورة، في محاولة لإنقاذ المسار الذي ترعاه قوات «اليونيفيل» وهيئة الرقابة الدولية.
المبادرة التي لاقت تأييداً رئاسياً واسعاً من رئيس الحكومة نواف سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري—الذي سبق أن تولّى التفاوض عبر الوسيطين الأميركيين آموس هوكستين وتوم براك في ملف ترسيم الحدود البحرية—تُقرأ في سياق الضغط على واشنطن للتدخل مجدداً ومنع انهيار الاتفاقات التي سبقت وقف الأعمال العدائية.
ويؤكد سلام أن عون يسعى لتحريك الوساطة الأميركية بعد أن وصلت مفاوضات الناقورة إلى "حائط مسدود" نتيجة رفض إسرائيل الالتزام بوقف النار واستمرار اعتداءاتها، بينما يلتزم لبنان ببنود الاتفاق «بحرفيته»، بحسب تعبيره.
مصادر وزارية رأت أن عون اختار توقيتاً إقليمياً حساساً يتزامن مع الخطة الأميركية لإنهاء الحرب في غزة، وتحضير تسويات ترتبط مباشرة بجنوب لبنان، معتبرة أن إسرائيل تحاول منع تمدد "اتفاق غزة" إلى الحدود اللبنانية من خلال تكثيف الاعتداءات واستهداف معدات إعادة الإعمار.
وتشير المصادر إلى أن الرسالة الإسرائيلية مضاعفة: الأولى منع الإعمار، والثانية إبلاغ لبنان بالنار أن "وقف الحرب في غزة لا يعني بالضرورة وقف النار في الجنوب"، وأن أي تهدئة لن تُمنح إلا مقابل مفاوضات مباشرة بشروط أمنية إسرائيلية.
من جهته، يرى عون أن المسار التفاوضي غير المباشر، على غرار ما جرى في ترسيم الحدود البحرية، هو السبيل الواقعي الوحيد لتثبيت القرار 1701 وتفادي الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة، في ظل تفويض واضح من حزب الله لبري في هذا الملف، واستعداد رئاسي جامع للعودة إلى طاولة الناقورة ضمن سقف سياسي محدد: لا مفاوضات مباشرة، ولا تنازل عن وقف النار كشرط أولي.
ويبقى السؤال المطروح في بيروت: هل ستتجاوب واشنطن مع "نداء عون"؟ أم أن الإدارة الأميركية—التي يقول مسؤولون لبنانيون إنها نقلت رسالة إسرائيلية تشترط التفاوض المباشر—ستنتظر وصول سفيرها الجديد ميشال عيسى لتحمل الرد الحاسم على مستقبل مفاوضات الناقورة؟
الـــمــــزيــــــــــد
