وسط تحوّلات تشريعية مرتقبة، تستعد أوروبا لفتح فصل جديد من التدقيق والمراجعة في نشاط الشبكات المرتبطة بتنظيم الإخوان، بعد سلسلة تحقيقات وتحركات أمنية وسياسية انطلقت من باريس وبدأت تمتد إلى عواصم أوروبية أخرى خلال الأسابيع الماضية.
تقارير أمنية غربية كشفت عن آليات منسقة اعتمدتها الجماعة لاستغلال مساحات الحرية القضائية والسياسية في أوروبا، من خلال جمعيات خيرية، مراكز فكرية، مؤسسات إعلامية ومنصات حقوقية، أتاحت لها العمل تحت غطاء قانوني، وترسيخ نفوذ عابر للحدود يُوصف بأنه "تسلل ناعم داخل المجال المدني والمؤسسي الأوروبي".
سياسيون ومختصون اعتبروا في حديث لـ"سكاي نيوز عربية" أن هذه المرحلة تمثل "نقطة انعطاف" في نظرة أوروبا إلى التنظيم، بعدما تبيّن أن الفضاء الديمقراطي الذي وفّر هامشا واسعا للعمل الأهلي، تحوّل إلى بيئة تمدّد فيها الإخوان فكريًا وتنظيميًا تحت عناوين العمل الخيري والثقافي، بينما الهدف — وفق التوصيف الأمني — كان بناء منظومة ذات طابع سياسي تتقاطع مع مشروع أيديولوجي مغلق.
قبل أسابيع، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن توسيع لائحة العقوبات المالية على شبكات مرتبطة بالإخوان، مع بدء إعداد مشروع قانون جديد يدخل حيز التنفيذ قبل نهاية 2025، بهدف سد الثغرات القانونية التي تسمح بتدفق التمويلات وفتح مراكز ذات نشاط مزدوج (مدني/سياسي).
صحيفة "لوموند" نقلت عن مصادر في الإليزيه وصفها لنفوذ الجماعة داخل بعض الأحياء الهامشية بأنه "تهديد فعلي للتماسك الوطني"، خصوصًا مع تمدّد الخطاب الدعوي المنظم داخل المؤسسات الاجتماعية.
مركز دراسات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في فيينا أشار إلى أن الجماعة استفادت طويلًا من منطقة رمادية قانونيًا: "ليست محظورة بالكامل، وليست مصنّفة إرهابية على المستوى الأوروبي، لكنها استفادت من منظومة الحريات لتوسيع نفوذها المالي والمؤسسي".
وأوضح المركز أن القوانين الأوروبية المرنة لتأسيس الجمعيات والمدارس والمنظمات الشبابية، حدّت من قدرة الأجهزة الرقابية على التدخل المباشر ما لم تكن هناك أدلة صريحة على النشاط السياسي المغطّى بالعمل المدني.
الـــمــــزيــــــــــد
