المحلية

حسن عجمي

حسن عجمي

ليبانون ديبايت
الجمعة 24 تشرين الأول 2025 - 12:23 ليبانون ديبايت
حسن عجمي

حسن عجمي

ليبانون ديبايت

الرواية الكاملة لحادثة خطف تهزّ لبنان… عذّبت وضُربت ونجت بأعجوبة من "غرف الظلام"!

الرواية الكاملة لحادثة خطف تهزّ لبنان… عذّبت وضُربت ونجت بأعجوبة من "غرف الظلام"!

"ليبانون ديبايت" - حسن عجمي

حادثة خطيرة هزّت الرأي العام اللبناني، بطلتها فتاة في الثامنة عشرة من عمرها، فلسطينية الجنسية، خُطفت من أمام منزلها على طريق المطار القديم، بالقرب من جامع مطر، أثناء توجّهها إلى مدرستها صباحًا.

قصة هذه الفتاة ليست مجرّد رواية مؤلمة، بل صرخة مدوّية تمسّ كل من يعيش على أرض لبنان، وتدقّ ناقوس الخطر حيال عصابات خطف تتحرك بيننا، في ظلّ تراخٍ واستخفافٍ أمني خطير.

بداية المأساة


في تمام الساعة السابعة والربع صباحًا، خرجت الفتاة من منزلها برفقة شقيقتها متوجّهتين إلى المدرسة. كانت مريضة لكنها أصرت على الذهاب لإجراء امتحانٍ مهم. وبسبب حالتها الصحية، قررت ركوب سيارة أجرة، بينما تابعت شقيقتها سيرًا على الأقدام لعدم توفّر المال الكافي.


استقلت الفتاة سيارة "سرفيس" كان بداخلها السائق ورجل يرتدي بدلة رسمية ونظارات. قال السائق إنه سيوصل الراكب أولًا إلى محيط السفارة الكويتية، ثم يتوجّه بها إلى مدرستها في بئر حسن. لم تشكّ الفتاة في شيء، فوافقت. لكن ما إن نزل الرجل من السيارة، بدأت المأساة.


أعطاها السائق محرمة بعد أن طلبتها منه، وما إن وضعتها حتى فقدت وعيها على الفور. وعندما استفاقت، وجدت نفسها في غرفة مظلمة لا ترى فيها حتى أصابعها.


التعذيب والنجاة


بحسب تقرير الطبيب الشرعي الذي اطّلع عليه "ليبانون ديبايت"، تبيّن أنّ الفتاة تعرّضت لتعذيبٍ جسدي مروّع، شمل:


رضوضًا على الذراعين والساقين والفخذين،


كدمات متفرّقة في أنحاء جسدها،


وحالة صدمة نفسية حادة.


كانت محتجزة في غرفة سوداء، رطوبة عالية، وكلّما دخل أحد أفراد العصابة إليها أُجبرت على إغماض عينيها وتعرّضت للضرب. لكن ما سمعته داخل ذلك المكان جعل الدماء تتجمّد في عروقها:" يلا بدنا ناخد هالمجموعة ع سوريا، بدنا مصاري."


عندها أدركت أنّها ليست الضحية الوحيدة، بل هناك فتيات أخريات محتجزات في غرف منفصلة.


وسط هذا الرعب، وجدت في داخلها شجاعة غير متوقعة، فصرخت: "أنا عمي معه مصاري، احكوا معه وخدوا اللي بدكن ياه! زوج عمتي لواء وعنده معارف بالسياسة، والله ليخربلكن بيتكن!".


هذه الكلمات أنقذت حياتها. فسمعت أحد الخاطفين يقول لرفيقه: "هالبنت رح تخربلنا بيتنا"، وبعد ساعات فقدت وعيها مجددًا.


كلمات قليلة أرعبت الخاطفين فكيف لو كانوا يشعرون بهيبة الأجهزة الأمنية وسرعة تحركها في ملاحقة الجريمة؟


الخلاص من الجحيم


استفاقت الفتاة لاحقًا في العراء، مرمية قرب حاويات نفايات في منطقة مجهولة. رغم ألمها الشديد، زحفت حتى وصلت إلى مكان عام حيث كان بعض المواطنين. طلبت المساعدة وراحت تتوسّل المارة أن يعطوها 200 ألف ليرة لتتمكّن من ركوب سيارة أجرة والعودة إلى بيروت.


أحد الشبان على دراجة نارية تدخّل، أوقف سيارة ونقلها إلى مستشفى قريب في بيروت.


هناك، جرى الاتصال بالأجهزة الأمنية وفتح تحقيق أولي، ومن ثم نقل الملف إلى فصيلة طريق الجديدة، حيث لاقت الفتاة وأهلها معاملة إنسانية راقية، قبل أن يُحال الملف إلى فصيلة بئر حسن لمتابعة التحقيقات.


بين الإهمال والواجب


المؤسف أنّ والدة الفتاة، حين قصدت أحد المراكز الأمنية في البداية للتبليغ، قوبلت بالاستخفاف. أحد العناصر قال لها حرفيًا: "ما تخافي، نحنا بلد الأمن والأمان، بعد يومين بترجع جايبة معها عقد الزواج!"


ويبدو أنّ سبب التهاون الأمني يعود إلى أنّ العائلة من الجنسية الفلسطينية وإقاماتها منتهية، نتيجة توقّف الدولة عن تجديد الإقامات للفلسطينيين - السوريين. وبسبب ذلك، لم يتم فتح المحضر في البداية. لاحقًا، وبعد اتصالات مكثّفة من العائلة، أكّد لهم أحد المحامين ضرورة التوجّه إلى النيابة العامة لمتابعة القضية رسميًا. وأثناء طريقهم إلى النيابة في بعبدا، تلقوا اتصالًا من المستشفى يُفيد بوجود ابنتهم، فتوجهوا على الفور إلى هناك.


الواقع أثبت أن الخطف حقيقي، وأن العصابة موجودة وتعمل بلا رادع، فيما اكتفى بعض العناصر بالنفي بدل التحرّك الميداني الجدي.


دعوة للتحرّك الفوري


ما حصل ليس حادثًا فرديًا، بل جرس إنذار يفرض على الأجهزة الأمنية التحرّك فورًا، ومراجعة كل بلاغات الفتيات المفقودات من دون استهتار أو فرضيات مسبقة. فكل دقيقةٍ تضيع في الإجراءات قد يكون ثمنها حياة فتاة أخرى لا تزال عالقة في "غرف الظلام".


"ليبانون ديبايت" يمتلك نسخة من تقرير الطبيب الشرعي الذي يؤكّد تعرّض الفتاة للتعنيف، ما ينسف أي رواية تنفي حصول الجريمة.


الهدف ليس الإثارة الإعلامية، بل المطالبة بتحرّك رسمي حقيقي، لأن أمن الفتيات ليس تفصيلًا، وكرامة الإنسان ليست مادّة للنفي، بل مسؤولية دولة بكاملها.


هذه الحادثة يجب أن تكون نقطة تحوّل… لأن نجاتها لم تكن صدفة، بل رسالة تقول بوضوح: الخطر حقيقي، العصابات موجودة، والصمت يساوي التواطؤ.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة