اعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور محمد مصطفى أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة و**«إعلان نيويورك» حول حل الدولتين** الذي قادته السعودية وفرنسا، يُمثّلان خطّين متوازيين في مسار واحد يهدف إلى تجسيد الدولة الفلسطينية والاعتراف بها على الأرض.
وفي حوار أجراه مع صحيفة «الشرق الأوسط» في الرياض، شدّد مصطفى على أن وقف إطلاق النار ضروري لكنه غير كافٍ، موضحًا أن المطلوب اليوم هو تنفيذ مقررات "إعلان نيويورك" الذي يشكّل إطارًا عمليًا للاعتراف الدولي بفلسطين خلال 18 شهرًا.
وأضاف أنّ بعض الدول ربطت اعترافها بالدولة الفلسطينية بوقف إطلاق النار في غزة، معتبرًا أنّ السلطة الفلسطينية هي الجهة الأساسية المخوّلة إدارة شؤون القطاع في المرحلة المقبلة.
وأوضح مصطفى أنّ الرياض استضافت الأحد الاجتماع التنسيقي الرفيع المستوى للتحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين، برئاسة السعودية والنرويج والاتحاد الأوروبي، وبمشاركة ممثلين عن 35 دولة، مؤكّدًا أن هذا الاجتماع هو الأول لمتابعة تنفيذ ما جاء في «إعلان نيويورك».
وأشار إلى أنّ السعودية وفرنسا حرصتا على إبقاء الزخم قائمًا ومواصلة العمل على تحويل التعهّدات السياسية إلى خطوات عملية.
وقال مصطفى إنّ ملحق "إعلان نيويورك" يتضمّن خطة تنفيذية من 18 شهرًا تشمل خطوات سياسية وقانونية واقتصادية، من بينها الاعترافات المتبادلة، إعادة إعمار غزة، توحيد الضفة والقطاع، ترتيب الانسحاب الإسرائيلي، وتأسيس علاقة اقتصادية جديدة تسمح بإطلاق الاقتصاد الفلسطيني.
ولفت إلى أنّ عدة دول مثل الدنمارك واليابان ما زالت تشترط وقف النار قبل الاعتراف، آملاً أن تتبدّل هذه المواقف بعد تطبيق بنود الإعلان.
وحول إعادة حضور السلطة الفلسطينية إلى غزة، أوضح مصطفى أنّ العمل يجري على عدة جبهات لتدعيم وجود السلطة تدريجيًا، كاشفًا عن تشكيل غرفة عمليات حكومية في رام الله تُنسّق يوميًا مع موظفين في القطاع يمثلون الوزارات والهيئات الرسمية.
وأشار إلى تشكيل لجنة إسناد مجتمعي منبثقة عن قرارات القمم العربية والإسلامية في الرياض، لتتولّى تنسيق الخدمات والإدارة مؤقتًا إلى حين تمكين الحكومة بالكامل في غزة.
وكشف رئيس الوزراء الفلسطيني عن الاستعداد للعمل مع قوة دولية يؤسسها مجلس الأمن بطلب من دولة فلسطين، لمساندة الأمن الفلسطيني وتأمين الحدود، مشيرًا إلى توافق مع مصر والأردن على تدريب قوات الأمن الفلسطينية.
وفي المقابل، اعتبر أن إسرائيل تعترض على دور السلطة الفلسطينية لأنها تسعى إلى إبقاء الفصل بين غزة والضفة لمنع قيام الدولة الفلسطينية، مشيرًا إلى أنّ الأطراف الدولية والعربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب، حالت دون محاولات إسرائيلية لضم الضفة الغربية.
وتحدّث مصطفى عن برنامج إصلاح مؤسسي وسياسي شامل من 30 بندًا بدأ منذ أكثر من عام، تمّ عرضه على الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي ونال دعمًا من وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان.
وفي الجانب السياسي، أشار إلى إعلان الرئيس محمود عباس عن انتخابات رئاسية وتشريعية خلال عام من تثبيت وقف النار، وإنشاء لجنة لصياغة دستور جديد، إلى جانب قوانين للأحزاب والانتخابات المحلية.
وأكد مصطفى أنّ إسرائيل تحتجز أكثر من 3 مليارات دولار من أموال المقاصة، ولم تحوّل أي مبالغ منذ 6 أشهر، ما يعرقل دفع الرواتب والخدمات.
وأوضح أنّ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا يمارسون ضغطًا للإفراج عن هذه الأموال.
وثمّن مصطفى دعوة السعودية للمشاركة في مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" في الرياض بين 27 و30 تشرين الأول الجاري، معتبرًا أنها فرصة لتطوير التعاون الاقتصادي والتكنولوجي.
وكشف أن التحوّل الرقمي والاقتصاد الرقمي من أبرز مجالات التعاون، مشيدًا بتجربة السعودية ضمن رؤية 2030، وبشركات مثل "هيوماين" للذكاء الاصطناعي التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، التي يمكن أن تساعد في برنامج "تقنيات" للتحول الرقمي الفلسطيني.
تمّ توقيع «إعلان نيويورك» في أيلول الماضي برعاية السعودية وفرنسا والأمم المتحدة، ويهدف إلى تجسيد حلّ الدولتين ضمن جدول زمني محدد لا يتجاوز 18 شهرًا، مع آلية متابعة دولية تشارك فيها أكثر من 30 دولة، لتنسيق الدعم السياسي والاقتصادي والإنساني لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.