أكدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، في تقريرٍ نشرته اليوم الجمعة، أن غياب السفراء بين مصر وإسرائيل يكشف هشاشة السلام القائم بين الجانبين، رغم مرور أكثر من أربعة عقود على توقيع اتفاقية "كامب ديفيد".
وأوضحت الصحيفة أن السفارات الإسرائيلية في كل من القاهرة وعمّان بقيت فارغة من سفرائها منذ سنوات، مشيرة إلى أن هذا الغياب يعكس "أزمة صامتة" في العلاقات، وأن السبب الجوهري يكمن في أن "السفير رمز"، بحسب ما نقلته عن مسؤولين مصريين وأردنيين.
ولفتت "يديعوت أحرونوت" إلى أن الحفل الذي أقامه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القصر الرئاسي لتسلّم أوراق اعتماد 23 سفيرًا جديدًا، خلا من أي تمثيل إسرائيلي، إذ غاب السفير الإسرائيلي الجديد أوري روتمن، الذي لم يُسمح له حتى باتباع البروتوكول الدبلوماسي الأولي المتمثل بتقديم أوراق اعتماده رسميًا لوزارة الخارجية المصرية.
وبحسب التقرير، فإن منصب السفير الإسرائيلي في القاهرة ظلّ شاغرًا لأكثر من عام منذ انتهاء ولاية السفيرة السابقة أميرة أورون التي أمضت أربع سنوات في المنصب، فيما يدير روتمن أعمال السفارة من القدس المحتلة، بينما يواصل الطاقم الدبلوماسي العمل من مقرّ حي المعادي في القاهرة دون وجود رسمي لسفير على الأرض.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الواقع يأتي في الذكرى السادسة والأربعين لتوقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، في وقتٍ يقترب فيه السفير المصري في تل أبيب خالد عزمي من التقاعد، بينما تتولى القنصلية المصرية إدارة شؤون السفارة مؤقتًا.
وأضافت أن الوضع في الأردن أكثر تعقيدًا، إذ إن مبنى السفارة الإسرائيلية في عمّان مغلق منذ أكثر من عامين، ورغم أن الشرطة الأردنية تؤمّن محيطه، تستمر احتجاجات متفرقة ضد إسرائيل من وقت إلى آخر.
وذكرت "يديعوت أحرونوت" أن الملك عبد الله الثاني قلّل انتقاداته العلنية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد أن "سئم" من سجالاته، في حين تواصل الملكة رانيا، ذات الأصول الفلسطينية، توجيه انتقادات حادّة للسياسات الإسرائيلية، وإن بشكل غير مباشر.
كما أشارت الصحيفة إلى انعدام الرحلات الجوية المباشرة بين تل أبيب وعمّان، واقتصار حركة العبور بين البلدين على عدد محدود من العمّال الأردنيين في فنادق إيلات، مؤكدة أن التبادل السياحي مع مصر شبه معدوم، إذ لا يمكن للمواطن المصري دخول إسرائيل إلا بجواز سفر أجنبي أو من دولة ثالثة، في حين يسمح لبعض الأردنيين بالدخول عبر الضفة الغربية بشكل غير رسمي.
وأضافت أن المفارقة اللافتة تكمن في أن المغرب والبحرين والإمارات – وهي دول لم توقّع اتفاق سلام رسمي مع إسرائيل – تشهد وجودًا دبلوماسيًا نشطًا وسفراء إسرائيليين دائمين، بخلاف مصر والأردن حيث يغيب التمثيل الدبلوماسي على أعلى مستوى.
وبحسب ما نقلته الصحيفة عن مسؤولين مصريين وأردنيين، فإن الانفراج في العلاقات يبدو بعيدًا: ففي الأردن، يرتبط أي تقارب محتمل برحيل نتنياهو عن السلطة، بينما في مصر قد يبدأ "تقارب محدود" دون أي انفتاح سياحي أو سياسي كبير قريبًا.
وفي معرض تفسيرها لمنع دخول السفير الإسرائيلي إلى حفل القصر الرئاسي، نقلت "يديعوت أحرونوت" عن مصدر مصري قوله: "الخطر كبير جدًا، فالسفير رمز، وهناك جهات كثيرة تستعد لاستهداف حياته."
وختمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن اتصالات دبلوماسية وأمنية تجري على أعلى المستويات بين القاهرة وتل أبيب، مؤكدة أن السلطات المصرية، رغم الغضب الشعبي الواسع ضد إسرائيل، تحرص على منع التظاهرات وتكتفي بالسماح بانتقادات إعلامية محدودة، بينما يسعى الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الحفاظ على دور مصر القيادي في العالم العربي وسط توازنات دقيقة في علاقاتها الإقليمية والدولية.