المحلية

عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت
الأربعاء 05 تشرين الثاني 2025 - 07:34 ليبانون ديبايت
عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت

توم برّاك... أنت الفاشل!

توم برّاك... أنت الفاشل!

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح


توم براك، السمسار وتاجر العقارات الأميركي من أصول لبنانية، والمطلوب سابقاً للقضاء الأميركي، كان محور تحقيق فتحه مكتب التحقيقات الفدرالي عام 2021، شمل ثلاثة أشخاص، بتهمة العمل لمصلحة دولة أجنبية ومحاولة التأثير في القرار السياسي الأميركي.


توم براك، تاجر العقارات الذي “دسّ” نفسه في ملاعب الغولف على أمل التعرّف على دونالد ترامب قبل أن يصبح رئيساً، “دسّ” الأموال في حملته الانتخابية الأولى والثانية طمعاً بموقع مؤثّر داخل الإدارة الأميركية. كافأه ترامب بتعيينه سفيراً في تركيا، ثم مبعوثاً إلى سوريا خلال ولايته الثانية.


في زيارته الأولى إلى لبنان، رافقه أحد الضباط الكبار في جولة على الحدود الجنوبية. كتب الضابط تقريراً ورفعه إلى قيادته. خلاصة الساعات التي قضاها مع براك اختصرها بجملة واحدة: “جاهل ومخادع”.


و”الكذب” كان عملة براك اللبنانية الرائجة. فمنذ أن وطأت قدماه بيروت، التصقت به سمة تفيد بأنه يقول داخل الاجتماعات شيئاً ويصرّح خارجها بنقيضه. مرّة يؤكّد أن لا مشكلة مع حزب الله، وبعدها يتحدث عن “شيطان” يجب استئصاله من لبنان.


محاولات براك لدخول اللعبة اللبنانية ليست جديدة. رئيس سابق للجمهورية – ما زال على قيد الحياة – يروي تفاصيل أول لقاء جمعه بتوم براك في باريس خلال زيارة رسمية. بالصدفة، طُلب إليه التعرف إلى رجل أعمال أميركي من أصول لبنانية. قبل الرئيس، وبعد جلسة تخلّلها غداء، استنتج “فخامته” أنه أمام شخص “غريب” لا يبحث سوى عن الموقع والمال!


توم براك الذي نعت لبنان بـ”الدولة الفاشلة”، ينسى أو يتناسى أن دولته تقف، بشكل رئيسي، خلف الكثير من أسباب فشل هذا البلد.


الفاشل هو توم براك. هذه سمة راسخة. فاشل لأنه لم ينجح في مهمته في لبنان، فراح يلقي فشله على الآخرين.


فاشل لأنه طوال شهور لم يستطع إقناع الدولة اللبنانية بفكرة واحدة. وعندما شعر بذلك وأحسّ بأن إدارته باتت تميل لإزاحته، أخذ يتصرّف كالزوجة المفجوعة بطلاقها بعد أن تعرّضت للخديعة، ولا تبحث إلا عن الانتقام.


فاشل لأن إسرائيل نفسها لم تعطه أي وزن، وتعاملت معه كأنه شخصية عابرة لا تستحق الالتزام بشيء، مفضّلةً التنسيق مع مورغان أورتاغوس!


فاشل لأنه قال سابقاً إن بلاده تبحث فقط عن السلاح الثقيل لدى حزب الله، وأنها تفضّل أن ترى الحزب في السياسة، ليتبيّن لاحقاً أن الهدف الأميركي هو تفكيك كل ما اسمه حزب الله.


فاشل لأنه وعد أحمد الشرع بـ”إنهاء الملف” مع إسرائيل، ليتبيّن أن إسرائيل لا تقيم للشرع ولا لنظامه أي وزن، وقد بلغت ضرباتها دمشق!


فاشل لأنه أبلغ رئيس مجلس النواب نبيه بري بقبول إسرائيل فكرة التفاوض غير المباشر مع لبنان والتزامها هدنة الشهرين، ليتفاجأ رئيس المجلس، بعد أن نسّق مع الرؤساء وأمّن “تفاهم” لبناني، بأن تل أبيب لم تُبلّغ… والأخيرة لم تكن تعلم!


توم براك، الذي يتحدث عن حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة كأنه قائد وحدة “عزيز”، ينسى أن سلامة “خادم صغير” عند الأميركيين، كمثل أي موظف في مصرف لبنان. هو الذي وضع بين أيدي الأميركيين كل ما يريدونه و”ركّب” نظاماً مالياً يخضع لسيادة واشنطن. رياض سلامة الذي يتهمه براك بالفساد، هو الشخص نفسه الذي كافأته واشنطن بـ”دقّ جرس” “وول ستريت”.


توم براك الذي يقول إن لبنان دولة فاشلة، ينسى أن إدارته هي التي تمسك بمفاصل البلاد منذ عقود، ولديها "طبّاخين" كثر أمثال فؤاد مخزومي والـ”شيف” ميشال معوض، وعندها طينة سياسية “واعدة” كمارك ضو وميشال الدويهي، ولديها قواعد عسكرية، وتدعم الجيش وتتدخل بشؤونه، وتؤلف حكومات، وتشترط حيازة الوزراء جنسيات أميركية، ولديها “لوبي برلماني” في بيروت، وآخر ينشط في واشنطن، وعندها “لجنة” خاصة تتابع الصغيرة والكبيرة لبنانياً.


الولايات المتحدة تسمّي مأموري الأحراج، وتضع فيتو على ضباط مرشحين لتولي مناصب أمنية رفيعة، وتحرم آخرين من تعليق شارة “ركن”، وتتدخل في النظام المالي، و”تفرط” مصارف، وتفرض عقوبات على أخرى، وتلاحق شخصيات لبنانية، وتتدخل في “القرض الحسن”، وحتى أصغر جمعية يمتلكها “شيعي”، وتلاحق شخصيات “شيعية” في دول الخليج، وأخرى في أميركا اللاتينية، وتدعم الجيش اللبناني بـ”100 دولار”، وتقدّم له السلاح، وتضغط على شركة “توتال” لوقف التنقيب في البلوك رقم 9، وتفرض على الدولة منح الترخيص للشركة نفسها للقيام بالمسح الزلزالي في البلوك رقم 8، وتُجبر الدولة على السير بكونسورتيوم فرنسي – إيطالي – قطري، وتتدخل لدى القضاء، وتسحب عامر الفاخوري بطائرة “كالشعرة من العجينة”، وتنتزع محمد العواف، مسؤول أمن المرفأ وأحد القابضين على صندوقه الأسود، وتُدخل إلى لبنان شخصيات أمنية من حملة جنسيتها كـ”مدرّبين” لشركات خدمات أمنية، وتقوم طائرات استطلاعها بالتحليق فوق سماء لبنان و”تجريد” كل شبر في الجنوب وإنشاء أنظمة مراقبة تعمل عبر الـAI، وتتدخل لدى وزارات الاتصالات والاقتصاد والشؤون الاجتماعية، ويأتي مسؤولوها الماليون للتنقيب عن معلومات داخل “السيستم” المالي في لبنان، وتؤسس في هذا البلد أكبر سفارة أميركية في العالم، وتفرض على جامعاتنا ومدارسنا وحتى روضاتنا منهاجاً أميركياً، وتجعل من الدولار عملة شبه رسمية، وتُخضع أي مشتبه فيه من الذين يريدون السفر إلى الولايات المتحدة لجلسات تحقيق داخل السفارة، وتجنّد عملاء، وتنشئ وسائل إعلام وجيوشاً من الصحفيين والمنصات، وتموّل آخرين، وتؤسّس جمعيات غير حكومية NGO ناشطة من أقصى البقاع إلى أقصى الجنوب، تفتتح معامل خياطة، وتُدرّس حرفة “غزل الصوف”، وتحفر بئراً ارتوازياً هنا، وتدعم إضاءة شارع بالطاقة الشمسية هناك، وتشارك سفيرتها في توزيع الكمامات وإرسال اللقاحات، وتسمح بصفقات أسلحة فردية للأجهزة الأمنية ثم تُباع تلك الأسلحة في السوق السوداء… ثم يأتي توم براك، المبعوث الأميركي إلى سوريا ولبنان، ليقول: لبنان دولة فاشلة!


“مستر توم”… أنت الفاشل. السلطة في لبنان هي الفاشلة بفضلكم، وليس لبنان الفاشل. ثورة 17 تشرين التي تعود لتهددنا بها هي الفاشلة، لأنها أنجبت نواباً تحت اسم “التغيير” تحولوا إلى “ذَنَب” للسلطة.


لو صدر الكلام نفسه عن مسؤول إيراني أو كوبي أو فنزويلي أو حتى كوري شمالي، لتحرك صاحب الإحساس المرهف في قصر بعبدا، أو نزل سمير جعجع ليدبك على الأول، أو قدّم إيلي محفوض إخباراً لدى القضاء.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة