المحلية

ليبانون ديبايت
الاثنين 10 تشرين الثاني 2025 - 06:56 ليبانون ديبايت
ليبانون ديبايت

بري حاسم… لا جلسة عامة لإقرار تعديلات الحكومة الانتخابية

بري حاسم… لا جلسة عامة لإقرار تعديلات الحكومة الانتخابية

“ليبانون ديبايت”


لم يطل الوقت حتى ظهرت ملامح الصدام الجديد بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهذه المرة على وقع تعديل قانون الانتخاب. فبعد أن أقرّ مجلس الوزراء مشروع قانون معجّل مكرّر يقضي بتعليق العمل بالمواد المتعلقة بالمقاعد الستة المخصّصة للمغتربين وتمديد مهلة تسجيلهم حتى 31 كانون الأول المقبل، انتقل النقاش سريعًا إلى ساحة النجمة، حيث نقلت مصادر نيابية رفيعة لـ”ليبانون ديبايت” أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري كان حاسمًا وقاطعًا: لا جلسة عامة لإقرار التعديلات الحكومية.

المشروع الذي قدّمته الحكومة ويهدف، بحسبها، إلى “توسيع المشاركة الانتخابية وتسهيل عملية اقتراع غير المقيمين”، لم يُقنع رئيس المجلس ولا القوى الحليفة له. إذ تعتبر مصادر نيابية رفيعة أنّ ما تطرحه الحكومة ليس مجرّد خطوة تقنية، بل محاولة سياسية مضمرة لتغيير التوازنات داخل النظام اللبناني، خصوصًا أنّ تعليق المواد المتعلقة بالمقاعد الستة يفتح الباب أمام إعادة توزيعها داخل الدوائر، بما يُضعف حضور الممثلين الفعليين للطائفة الشيعية.


وترى المصادر النيابية الرفيعة أنّ القرار امتدادٌ لحرب سياسية تُشنّ على الثنائي الشيعي، استكمالًا للحرب الأمنية والعسكرية الإسرائيلية على لبنان، ولكن بأدوات داخلية هذه المرة. وتشير إلى أنّ الهدف الخفي للمشروع لا يقتصر فقط على إعادة ترتيب خريطة التمثيل، بل يتجاوز ذلك إلى محاولة تمهيد الطريق لإيصال شخصيات محددة إلى الندوة البرلمانية، أبرزهم حسن الحسيني، نجل الرئيس الراحل لمجلس النواب حسين الحسيني، أحد أبرز وجوه اتفاق الطائف وصاحب الشرعية السياسية التاريخية.


وتضيف المصادر النيابية الرفيعة أنّ طرح اسم الحسيني في الكواليس السياسية لخلافة بري ليس تفصيلًا عابرًا، بل يعكس توجّهًا لدى بعض القوى لإعادة إحياء رمزية “الطائف” في الحياة السياسية، عبر الدفع بوريث سياسي من عائلة شيعية مرموقة وذات تاريخ وطني، في محاولة لإحداث توازن جديد داخل البيئة الشيعية بعيدًا عن الثنائية الحالية. وبحسب القراءة نفسها، فإن المشروع الانتخابي المطروح يُستخدم كمدخل سياسي لتوفير المناخ القانوني واللوجستي الذي يسمح بفتح الباب أمام هذا النوع من الترشيحات، تحت عنوان “توسيع التمثيل” و”تجديد الحياة النيابية”.


في المقابل، تُشير مصادر نيابية رفيعة إلى تناقض واضح في سلوك بعض مكوّنات الحكومة التي رفعت شعار “تحديث القانون” وعلى رأسها حزب القوات اللبنانية، لكنها قاطعَت اللجنة النيابية الفرعية برئاسة النائب إلياس بو صعب، المكلّفة درس ستة اقتراحات قوانين انتخابية مقدَّمة من كتل مختلفة. وتعتبر أنّ هذا التناقض يعكس ازدواجية في الخطاب السياسي تهدف إلى تسجيل نقاط انتخابية لا أكثر، بدل السعي الجدي إلى إصلاح آلية الاقتراع.


وفي الإطار الإجرائي، توضح مصادر نيابية رفيعة أنّ بري يستند إلى المادتين 26 و105 من النظام الداخلي للمجلس النيابي، اللتين تمنحانه صلاحية تقديرية واسعة في التعامل مع مشاريع القوانين المعجّلة، سواء بإحالتها إلى اللجان المختصة أو بتجميدها. إذ لا تبدأ مهلة الأربعين يومًا الدستورية إلا بعد إدراج المشروع على جدول أعمال جلسة عامة وتلاوته رسميًا، ما يعني عمليًا أنّ المجلس غير ملزم زمنيًا بالبتّ بالمشروع، الأمر الذي يمنح بري مساحة كافية للمناورة والتريّث السياسي.


وتحذّر مصادر نيابية رفيعة من أنّ هذا الاشتباك السياسي قد ينعكس شللًا في عمل المجلس النيابي، خصوصًا مع تراكم مشاريع القوانين الإصلاحية وعلى رأسها قانون الفجوة المالية، الذي يُعدّ الركيزة الأساس في خطة إعادة الانتظام المالي وإصلاح القطاع المصرفي واستعادة الودائع المحتجزة.


وترى المصادر النيابية الرفيعة أنّ المشهد الراهن لا يتعدّى كونه مسرحية سياسية بلباس انتخابي، تهدف إلى تعبئة الشارع وشحن القواعد الحزبية أكثر مما تعكس خلافًا فعليًا حول مضمون التعديلات. فالمحصلة شبه محسومة: لا تعديل جوهري في القانون، ولا مفاجآت في المواقف، بل تمديد لمهل التسجيل وإبقاء اللعبة الانتخابية على قواعدها الحالية.


وفي خضمّ هذا الاشتباك، تشير مصادر نيابية رفيعة إلى أنّ النواب التغييريين هم الخاسر الأكبر، بعدما وجدوا أنفسهم محاصرين بين مناورات القوى التقليدية وعجزهم عن فرض أي خرق في مسار الإصلاح التشريعي.


وتختم المصادر النيابية الرفيعة بالتأكيد أنّ افتعال الأزمة حول قانون الانتخاب يندرج ضمن محاولة مبطّنة لتطيير الانتخابات النيابية المقبلة أو إعادة هندسة نتائجها مسبقًا، عبر رسم خطوط تمثيل جديدة تُرضي بعض القوى الدولية والداخلية الساعية لإعادة إنتاج طبقة سياسية على صورتها.


وفي المقابل، تؤكد مصادر نيابية رفيعة أنّ رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون ما زال مصرًّا على إجراء الانتخابات في موعدها المحدّد، انطلاقًا من التزامه بالاستحقاقات الدستورية ورفضه أي عبث إضافي بمسار الحياة الديموقراطية في البلاد.


وبين التمسّك بالمهل والرهان على التعطيل، تختم المصادر النيابية الرفيعة بالقول إن لبنان يقف مجددًا أمام مأزق انتخابي مفتوح على احتمالات سياسية متعددة، تُستخدم فيه القوانين كسلاح في معركة النفوذ والتمثيل، فيما تبقى الإصلاحات الحقيقية رهينة التجاذبات، بانتظار لحظة توازن جديدة تُعيد تعريف من يمثّل من… ومن يُفترض أن يصل إلى المجلس.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة