المحلية

عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت
الجمعة 14 تشرين الثاني 2025 - 07:16 ليبانون ديبايت
عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت

حصار أمني غير مسبوق على “أباطرة” المخدرات في البقاع

حصار أمني غير مسبوق على “أباطرة” المخدرات في البقاع

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح


تتحوّل الأنظار الدولية والمحلية أكثر فأكثر نحو البقاع، ليس فقط باعتباره ساحة محتملة لأي استهدافٍ إسرائيلي مباشر يرتبط بسلاح حزب الله، بل أيضاً لأنه يشهد واحدة من أوسع الحملات الأمنية في تاريخه ضدّ شبكات تجارة المخدرات ومصنّعيها.


فمنذ أشهر، يعيش “أباطرة” المخدرات في البقاع تحت حصارٍ أمني غير مسبوق، أوقع عدداً من كبار المتورطين بين قتيل وموقوف وأعاد رسم الخريطة الأمنية في المنطقة.


المخابرات من جهة والأمن العام من جهة

العملية النوعية التي نفّذتها مديرية المخابرات في محيط بلدة سعدنايل، وأسفرت عن تحرير مخطوف كويتي وتوقيف أفراد شبكةٍ متورطة بخطفه وبإدارة عمليات ترويج، كانت بمثابة عيّنة عن حجم الجهد الأمني في بيئة لطالما وُصفت بالصعبة والمعقّدة.


وتؤكد مصادر أمنية خاصة لـ"ليبانون ديبايت" أنّ التحقيقات لا تزال جارية لمعرفة ملابسات وجود المواطن الكويتي داخل نطاق نشاط "الكارتيلات".


في الموازاة، تبذل مديرية المخابرات في الجيش والمديرية العامة للأمن العام جهوداً حثيثة لضبط الحدود الشرقية، بالتوازي مع حملة مستمرة ضدّ شبكات التهريب والتصنيع، أسفرت عن تفكيك مجموعاتٍ خطيرة وتوقيف رؤوسٍ مطلوبة.


تأثيرات سقوط بشار الأسد

يمكن تصنيف المواجهة الأمنية في البقاع إلى مرحلتين:


الأولى، ما قبل عام 2021، حين كانت مافيات المخدرات والفساد تمسك بمفاصل المنطقة وتتحرك بحرية شبه مطلقة؛ والثانية، ما بعد تعيين العميد محمد الأمين (المدير العام للإدارة حالياً) رئيساً لفرع مخابرات البقاع في كانون الأول 2020، حيث بدأت مرحلة التضييق الفعلي على تجّار المخدرات وناهبي الثروات، وشهدت المنطقة سلسلة مداهمات وتوقيفات حدّت من نشاط التهريب والتصنيع.


لاحقاً، وبعد سقوط النظام في سوريا في كانون الأول 2024 وتسلّم العميد محمد صفا قيادة فرع مخابرات البقاع، انتقلت المواجهة إلى مستوى أكثر صرامة وشمولاً.


فقد دخلت القوى الأمنية مرحلة “العمل بلا سقف”، لتسقط شبكات كبيرة وتُسجّل عمليات نوعية، أبرزها ضبط 64 مليون حبة كبتاغون وآلات لتصنيعها في منشأة بمنطقة بوداي، وهي العملية الأكبر من نوعها على الأراضي اللبنانية


ضربات دقيقة وصيد ثمين


في السادس من آب الماضي، اشتبكت مخابرات الجيش مع أحد أبرز تجّار المخدرات ع. ز. الملقب بـ”أبو سلّة” وشريكه ع. ع. ز. الملقب بـ”السلطان”، ما أدّى إلى مقتلهما.


وكان “أبو سلّة” متورطاً في عشرات الملفات أبرزها تصنيع الكبتاغون وإطلاق النار على دوريات الجيش، ما أسفر سابقاً عن مقتل الرقيب زين شمص.


وفي أيلول، تمّ توقيف المطلوب عباس ربيع عواضة بتهم الإتجار بالمخدرات والخطف وإطلاق النار على عسكريين، إلى جانب حمزة راجح جعفر، المتورط بجرائم سرقة وخطف وإطلاق نار على الجيش، وترؤس عصابة لتصنيع وتجارة المخدرات، يُنسب إليها تنفيذ عمليات خطف عدّة أبرزها ضدّ المنتج المصري ر. ج. والمدعو ج. م.


أما العملية التي اعتُبرت “ضربة الموسم”، فكانت مقتل المطلوب الخطير حسن عباس جعفر الملقّب بـ”السبع”، أحد أبرز مصنّعي الكبتاغون ومروّجي العملات المزوّرة، بحقه 229 مذكرة توقيف بجرائم إطلاق نار، سرقة، وخطف، إضافة إلى استهداف دوريات أمنية بقذائف حربية أدّت إلى استشهاد عناصر.


قُتل جعفر خلال اشتباك مع الجيش في منطقة الدار الواسعة غرب بعلبك.


تغيّر المعادلات


تفيد المعطيات أنّ قائد الجيش العماد رودولف هيكل، الذي يولي البقاع أهمية استثنائية، كان يعتزم زيارة منطقة الشراونة واللقاء بوجهائها بعد مقتل جعفر، إلا أنّ موانع لوجستية استجدت في اللحظات الأخيرة وحالت دون ذلك.


ميدانياً، تؤكد المصادر الأمنية أنّ العمليات في البقاع تُدار على “عدّ الدقائق”، وقد أسفرت في الأسابيع الماضية عن مداهمة منازل مطلوبين وتوقيف عددٍ من أخطرهم، وضبط مخابئ سرّية ومموّهة لتخزين المواد الأولية، وذخائر حربية، وإتلاف كميات ضخمة من الممنوعات.


ويرى مطلعون أنّ سقوط النظام في سوريا ساهم في تضييق الخناق على الخارجين عن القانون في البقاع، إذ باتوا محاصرين بين الأجهزة اللبنانية من جهة والأمن السوري من جهة أخرى.


فخلال تلك المرحلة، نُقلت أطنان من الكبتاغون إلى الداخل اللبناني، ما سهّل رصد المصانع وملاحقة التجار، في وقت نفّذ الجيش اللبناني مسحاً جوياً بالطائرات ساهم في كشف مواقع الإنتاج وتحديد مخابئ المطلوبين وإخراج بعضهم.


لكن هذا التنسيق لا يُترجم دائماً على الأرض ولا يثمر، كما في حالة المطلوب فايز سعد، الذي اقتيد إلى جهة سورية من دون ان يسلم حتى الأن، كواحدة من أسباب تعدّد المرجعيات الأمنية هناك.


ما وراء الأرقام


تُظهر الوقائع أنّ تجارة المخدرات لم تنحصر في بعلبك – الهرمل، بل امتدت بقوة أيضاً إلى محور دير الأحمر – بشوات والبقاع الغربي – كامد اللوز، حيث تنشط شبكات تحظى بغطاءٍ سياسي معروف.


إلا أنّ التركيز الإعلامي بقي محصوراً في مناطق محددة، ما يجعل “الشريط الحدودي” الآخر أقل ظهوراً رغم خطورته.


ويبقى الحرمان، في المحصلة، الوجه الأكثر ثباتاً في المشهد البقاعي منذ عقود، والبيئة الحاضنة لكل هذا الانفلات.


إنه جرحٌ مفتوح في خاصرة الدولة، ووصمة عار على جبين الحكومات المتعاقبة التي اكتفت بإدارة الأزمة بدل معالجتها.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة