المحلية

ليبانون ديبايت
الأحد 16 تشرين الثاني 2025 - 07:28 ليبانون ديبايت
ليبانون ديبايت

الشارع السُنّي يسحب طبقه من مائدة معراب

الشارع السُنّي يسحب طبقه من مائدة معراب

"ليبانون ديبايت"


لم تعد معركة البقاع الأوسط في انتخابات 2026 مجرّد منافسة انتخابية عادية، بل تحوّلت إلى اشتباك سياسي هادئ في الشكل وعميق في المضمون، يضع المقعد السُنّي في قلب معادلة التوازنات داخل الدائرة.


فالمشهد الذي كان يُدار سابقًا عبر تفاهمات فوقية أو خطوط حزبية واضحة، بات اليوم مفتوحًا على متغيّرات جديدة، أبرزها صعود بيئة سُنّية تبحث عن استقلالية قرارها بعد سنوات من التهميش السياسي.


التحوّل بدأ مع الجملة التي أطلقها النائب "القواتي" جورج عقيص حول "مائدة معراب" كشرط للمرشح السُنّي. صحيح أن الجملة كانت قصيرة، لكنها حملت ما يكفي لإحداث اهتزاز في المزاج العام. ليس لأن مضمونها جديد، بل لأن الزمن تغيّر، والشارع السُنّي في البقاع الأوسط لم يعد يتقبّل خطابًا يقوم على الوصاية أو الإدارة من خارج بيئته. وفي لحظة واحدة، كُسرت المعادلة القديمة إذ لم يعد مقبولًا أن يُحدّد مصير المقعد عبر طاولة خارج المنطقة، مهما كانت طبيعة التحالفات أو حجم القوى.


في المقابل، جاء موقف النائب بلال الحشيمي كترجمة مباشرة لهذا المزاج المتبدّل. فهو لم يدخل في سجال شخصي ولم يرفع سقف الخطاب، بل اكتفى بتثبيت معادلة أن القرار السُنّي يُصنع هنا، في البقاع، لا في أي مكان آخر. هذا الموقف الذي بدا في لحظته ردًّا سياسيًا على كلام عقيص، تحوّل تدريجيًا إلى مشروع سياسي له حيثيته الشعبية، خصوصًا أنّ البيئة السُنّية باتت تبحث عن من يمثّلها بعيدًا عن شروط "المائدة" وأوزان القوى التقليدية.


ومع دخول النائب حسن مراد على خط النقاش، عبر تأكيده أنّ "الصوت السُنّي هو الفيصل"، اتّضح أنّ الساحة دخلت مرحلة جديدة. فالنائب مراد لم يطرح مشروعًا ثالثًا، لكنه أضاء على حقيقة تُجمع عليها كل القوى، وهي أنّ الصوت السُنّي هو مركز الثقل الحقيقي في الدائرة، وأنّ محاولة توجيهه أو ضبطه من خارج البيئة لم تعد ممكنة كما كانت في السابق.


من هنا، يتشكّل المشهد اليوم حول مشروعين لا ثالث لهما. الأول، مشروع يريد أن يبقى المقعد السُنّي جزءًا من بنية تُدار مركزيًا، وفق معايير ثابتة تحدّدها "المائدة" وما حولها. والثاني، هو مشروع يريد تحرير المقعد من هذه الحسابات، وإعادته إلى الناس، أي إلى البيئة التي تنتمي إليها أصواته ومطالبه وهوّيته السياسية.


وبين هذين المشروعين، يبدو الشارع أكثر حساسية من أي وقت مضى. فالناس في البقاع الأوسط لم يعودوا مستعدّين للقبول بما كان يتمّ تمريره سابقًا تحت عنوان "التفاهمات" أو "التحالفات الطبيعية". فالبيئة السُنّية اليوم تبحث عن كرامة تمثيلية، وتريد أن ترى نائبًا ينطلق من واقعها لا من اشتراطات أي طاولة خارجية. لهذا السبب، فإن معركة 2026 في البقاع الأوسط ليست معركة مقعد واحد، بل معركة على طريقة صناعة القرار. وهي اختبار بين منطقين، منطق يفترض أنّ التمثيل قرار فوقي، ومنطق يرى أنّ التمثيل فعلٌ يولد من الأرض. ومن يُمسك بالمقعد السُنّي لن يحدّد فقط اتجاه اللائحة، بل سيحدّد هوية الدائرة السياسية لسنوات طويلة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة