قدّمت دول أوروبية، وتحديدًا بريطانيا وفرنسا وألمانيا، مقترحًا ردًا على مسودة خطة السلام الأميركية الهادفة إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا، وهي خطة تتألف من 28 بندًا. ويستند المقترح الأوروبي إلى الهيكل العام للخطة الأميركية لكنه يعيد عرض بنودها ويقترح تعديلات عليها، بما يشمل حذف نقطة أساسية وردت في المسودة الأميركية الأصلية.
وقد أعاد المقترح الأوروبي التأكيد على سيادة أوكرانيا، ودعا إلى اتفاق عدم اعتداء شامل بين روسيا وأوكرانيا وحلف شمال الأطلسي، يتضمن تسوية للملفات العالقة منذ ثلاثة عقود. كما أوضح أن النقطة الثالثة من الخطة الأميركية حُذفت، وهي النقطة التي كانت تنص على توقع عدم خوض روسيا أي غزو جديد وعدم توسع الحلف. وبعد توقيع اتفاق السلام، يقترح الأوروبيون حوارًا مباشرًا بين موسكو والحلف لمعالجة المخاوف الأمنية وخلق مناخ تهدئة، بما يتيح فرصًا اقتصادية مستقبلية.
ويشدد النص على منح أوكرانيا ضمانات أمنية قوية، وعلى أن لا يزيد عديد جيشها في زمن السلم عن 800 ألف جندي، مع التأكيد أن انضمامها إلى الحلف يرتبط بإجماع داخله غير متوافر حاليًا. كما يوافق الحلف، بحسب المقترح، على عدم نشر قواته بشكل دائم في أوكرانيا، على أن تتمركز الطائرات المقاتلة التابعة له في بولندا. وتلتزم الولايات المتحدة بتقديم ضمانات تماثل المادة الخامسة، شرط حصولها على تعويض، وعدم تحمّلها مسؤولية أي ضمانات إذا بادرت أوكرانيا إلى مهاجمة روسيا، مع إعادة فرض العقوبات عالميًا في حال شنّت موسكو أي هجوم جديد، وسحب أي اعتراف بالأراضي التي قد تستولي عليها.
ويشير المقترح إلى أن أوكرانيا ستكون مؤهلة لنيل عضوية الاتحاد الأوروبي، وتحصل على وضع تفضيلي للوصول إلى الأسواق الأوروبية على المدى القصير. كما يتضمن حزمة تنمية عالمية تشمل إنشاء صندوق للاستثمار في القطاعات ذات النمو المرتفع، وشراكة أميركية ـ أوكرانية لإعادة تأهيل البنية التحتية للغاز، إضافة إلى خطط لإعادة تطوير المناطق المتضررة من الحرب، وتحديث البنى التحتية، واستثمار المعادن والموارد الطبيعية، بدعم مالي خاص من البنك الدولي.
أما في ما يتعلق بروسيا، فينص المقترح على إدماجها تدريجيًا في الاقتصاد العالمي من خلال بحث تخفيف العقوبات على مراحل، وإبرام اتفاق تعاون اقتصادي طويل الأمد مع الولايات المتحدة في مجالات الطاقة والموارد الطبيعية والبنية التحتية والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والمعادن النادرة والمشاريع المشتركة في القطب الشمالي، إلى جانب دعوتها للعودة إلى مجموعة الثماني. ويؤكد النص أن أوكرانيا يجب أن تُعوّض ماليًا بالكامل عن أضرار الحرب من خلال الأصول الروسية المجمدة، وأن يُنشأ فريق عمل مشترك بين الولايات المتحدة وأوكرانيا وروسيا وشركاء أوروبيين لضمان تنفيذ الاتفاق.
ويُلزم المقترح روسيا بتكريس سياسة عدم الاعتداء تجاه أوروبا وأوكرانيا ضمن قوانينها الداخلية، كما يطالب موسكو وواشنطن بتمديد معاهدات الحد من انتشار الأسلحة النووية، مقابل موافقة أوكرانيا على البقاء دولة غير نووية. ويشمل أيضًا إعادة تشغيل محطة زابوريجيا النووية بإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتقاسم إنتاجها بين روسيا وأوكرانيا، واعتماد كييف قواعد الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالتسامح الديني وحماية الأقليات اللغوية.
ويتناول المقترح ملف الأراضي، حيث تلتزم أوكرانيا بعدم استعادة مناطقها المحتلة بالقوة العسكرية، على أن تبدأ مفاوضات تبادل الأراضي انطلاقًا من خط التماس. وتتعهد موسكو وكييف بعدم تغيير أي ترتيبات مستقبلية بالقوة، مع التأكيد أنه لا تُطبّق أي ضمانات أمنية في حال خرق هذا الالتزام. كما ينص على عدم عرقلة روسيا لاستخدام أوكرانيا نهر دنيبر تجاريًا، والتوصل إلى اتفاق حول حرية مرور شحنات الحبوب عبر البحر الأسود.
ويتضمن النص أيضًا إنشاء لجنة إنسانية تتولى تبادل الأسرى والجثامين وفق مبدأ "الكل مقابل الكل"، وإعادة المعتقلين المدنيين بمن فيهم الأطفال، واعتماد برنامج للم شمل العائلات وأحكامًا خاصة لمعالجة معاناة ضحايا الحرب. كما يدعو أوكرانيا إلى إجراء انتخابات في أقرب وقت بعد توقيع اتفاق السلام، مع إضافة بنود جديدة لمعالجة آثار النزاع الإنساني.
ويشير المقترح إلى أنّ الاتفاق سيكون ملزمًا قانونيًا وتحت إشراف "مجلس سلام" يرأسه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على أن تُفرض عقوبات في حال وقوع أي انتهاك. وفور موافقة جميع الأطراف على المذكرة، يدخل وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، وينسحب الطرفان إلى النقاط المتفق عليها، على أن تشرف الولايات المتحدة على آليات المراقبة وتنفيذ الترتيبات الميدانية.
الـــمــــزيــــــــــد
