سيطرت فرق الإطفاء، اليوم الخميس، على حريق هائل اندلع في مجمع سكني في هونغ كونغ، وأودى بحياة 55 شخصًا على الأقل، فيما لا يزال نحو 300 شخص في عداد المفقودين. وقالت الشرطة إن الحريق قد يكون ناجمًا عن "إهمال جسيم" من قبل شركة بناء استخدمت مواد لا تستوفي معايير السلامة.
وعلى مدى يوم كامل تقريبًا، واجهت فرق الإطفاء حرارة شديدة ودخانًا كثيفًا للوصول إلى السكان العالقين في الطوابق العليا من مجمع وانغ فوك كورت السكني.
ويضم المجمع المكتظ، الواقع في منطقة تاي بو الشمالية، نحو ألفَي شقة موزعة على ثمانية أبراج، ويقطنه أكثر من 4600 شخص في مدينة تعاني نقصًا مزمنًا في السكن بأسعار معقولة.
وقال أحد السكان، ولقبه وان (51 عامًا): "اشترينا في هذا المبنى منذ أكثر من 20 عامًا. كانت جميع ممتلكاتنا فيه، والآن احترق كل شيء. ماذا بقي؟ لم يبق شيء. ماذا نفعل؟".
أما امرأة تُدعى نج (52 عامًا)، فكانت في حالة ذهول بينما تبحث عن ابنتها خارج أحد الملاجئ، قائلة وهي تبكي وتحمل صورة تخرج ابنتها: "لم تخرج هي ووالدها بعد. لم يكن لديهم ماء لإنقاذ مبنانا".
وأظهرت مقاطع مصوّرة تصاعد ألسنة اللهب من أبراج شاهقة مغطاة بشبكات خضراء وسقالات من الخيزران. وقالت السلطات إنها أخمدت الحريق في أربع من أصل سبعة أبراج، فيما تمت السيطرة على الأبراج الثلاثة الأخرى.
وتُعد الشبكات الخضراء والسقالات الخشبية من أساسيات العمارة التقليدية الصينية، إلا أنّ استخدام هذه المواد يجري التخلّي عنه تدريجيًا في هونغ كونغ منذ آذار لأسباب تتعلق بالسلامة.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن الشرطة فتشت شركة صيانة المباني التابعة للمجمع، وصادرت وثائق مرتبطة بـ"وانغ فوك كورت". وقالت إيلين تشونغ، وهي مسؤولة كبيرة في شرطة هونغ كونغ: "لدينا سبب للاعتقاد بأن الأطراف المسؤولة في الشركة كانت مهملة بشكل جسيم، مما أدى إلى انتشار الحريق بشكل خارج السيطرة ووقوع خسائر بشرية كبيرة".
وأضافت أن الشرطة ألقت القبض على ثلاثة رجال من شركة البناء، بينهم مديران ومستشار هندسي، للاشتباه بارتكابهم جريمة قتل غير عمد.
وقالت الشرطة إن الشركة استخدمت، إضافة إلى الشبكات والبلاستيك غير المطابقين لمعايير السلامة، مادة رغوية لإغلاق بعض النوافذ في أحد الأبراج غير المتضررة.
وأكدت السلطات، اليوم الخميس، أن رجل إطفاء كان من بين الضحايا، فيما لا يزال العشرات في المستشفى بحالة حرجة، ولا يزال ما يقرب من 300 شخص لا يمكن الاتصال بهم.
وذكرت وزارة الخارجية الإندونيسية أن عاملين مهاجرين من إندونيسيا لقيا حتفهما في الحريق، وأصيب اثنان آخران.
ويُعد عدد الوفيات في هذا الحريق الأعلى في هونغ كونغ منذ عام 1948 حين قتل 176 شخصًا في حريق مستودع.
وشارك في عمليات مكافحة النيران أكثر من 1200 رجل إطفاء، إلى جانب 304 سيارات إطفاء ومركبات إنقاذ.
وقال جون لي، رئيس بلدية هونغ كونغ، إن الأولوية هي "إخماد الحريق وإنقاذ المحاصرين، ثم تقديم الدعم للمصابين، وبعد ذلك مساعدة المتضررين، يلي ذلك فتح تحقيق شامل في الحادث".
وأعلنت إدارة النقل في هونغ كونغ أن عددًا من الطرق سيبقى مغلقًا، مع تحويل مسارات الحافلات وإغلاق بعض المدارس القريبة.
ويأتي الحريق بينما تشهد هونغ كونغ حالة سخط اجتماعي بسبب ارتفاع أسعار العقارات، ما قد يؤدي إلى تأجيج الغضب الشعبي قبل الانتخابات التشريعية في كانون الأول المقبل.
ويُعد مجمع "وانغ فوك كورت" واحدًا من المجمعات السكنية الشاهقة في المدينة ذات الكثافة السكانية المرتفعة، وقد بدأ العمل فيه عام 1983 ضمن برنامج حكومي للإسكان المدعوم. وخضع المجمع لأعمال تجديد استمرت عامًا بكلفة 330 مليون دولار هونغ كونغ (نحو 42 مليون دولار أميركي)، فيما تتراوح أسعار الوحدات بين 160 و180 ألف دولار هونغ كونغ.
وأعلنت هيئة مكافحة الفساد فتح تحقيق في شبهات فساد تتعلق بأعمال التجديد.