بعد يوم طويل من المحادثات بين الوفدين الأوكراني والأميركي في نادي شيل باي قرب ميامي، وهو نادٍ خاص طورته شركة ويتكوف العقارية، يتوجّه المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف اليوم الاثنين إلى موسكو برفقة جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ومن المتوقع أن يلتقي الوفد الأميركي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ناقلاً إليه آخر مستجدات المحادثات، وربما نسخة محدثة من خطة السلام بين روسيا وأوكرانيا.
لكن عدداً من القضايا الجوهرية لا يزال غير محسوم. فقد أوضح مسؤول أميركي رفيع أن محادثات يوم أمس تناولت المهل الزمنية المحتملة لإجراء انتخابات جديدة في أوكرانيا، إضافة إلى إمكانية تبادل أراضٍ بين روسيا وأوكرانيا.
وأشار في الوقت ذاته إلى أن "قضايا حاسمة أخرى ما زالت موضع خلاف، من بينها طبيعة الضمانات الأمنية الأميركية والغربية لأوكرانيا، وما إذا كان الكرملين سيواصل المطالبة باعتراف دولي بالمناطق الأوكرانية التي سيطر عليها منذ 2022"، وفق ما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال".
وتُعد مسألة التنازل عن الأراضي عقدة محورية بالنسبة لكييف، إذ يمنع الدستور الأوكراني ذلك من دون استفتاء شعبي.
ويرى مراقبون أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد يجد نفسه أمام "كأس مُرّة" لا يمكن تفاديها، خصوصاً بعد فضيحة الفساد التي هزّت مكتبه وأدت إلى استقالة رئيسه أندريه يرماك وعدد من المقربين، ليحلّ مكانه رستم أوميروف، أمين مجلس الأمن القومي والدفاع، على رأس الوفد المفاوض مع الأميركيين.
وقد ترأس أوميروف الوفد الأوكراني الذي ضمّ رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية أوليه إيفاشينكو، ورئيس الأركان العامة أندريه حناتوف، ونائب رئيس استخبارات الدفاع فاديم سكيبيتسكي، بالإضافة إلى النائب الأول لوزير الخارجية سيرجي كيسليتسيا.
وفي افتتاح الاجتماع، وجّه أوميروف شكره لواشنطن قائلاً: "الولايات المتحدة تنصت إلينا، تدعمنا، وتسير إلى جانبنا". وبعد انتهاء المحادثات، وصفها بأنها "مثمرة"، مؤكداً أنّ الوفد ناقش "جميع القضايا المهمة لأوكرانيا"، وأن الولايات المتحدة "أظهرت دعماً قوياً".
كما غرّد كيسليتسيا عبر منصة "إكس" قائلاً إن التوقعات بشأن نتائج المحادثات تشبه الأرصاد الجوية، "فالأنظمة الفوضوية قد تؤدي فيها تغييرات صغيرة إلى نتائج كبيرة".
من جهته، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساء أمس الأحد إن "هناك فرصة جيدة للتوصل إلى اتفاق"، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن "أوكرانيا تواجه مشاكل صعبة"، وأن فضيحة الفساد الأخيرة "ليست مفيدة".
ولم يوضح ما إذا كانت هذه القضية ستؤثر في محادثات السلام الجارية.
وكان زيلينسكي قد أعلن سابقاً أنه يتوقع "التوصل إلى حل" يوم أمس بشأن نتائج الاجتماعات السابقة في جنيف، حيث قدّمت أوكرانيا عرضاً مقابلاً للمقترحات التي طرحها وزير الجيش الأميركي دان دريسكول قبل أسبوعين، والتي تضمنت التنازل عن دونباس.
وتسعى كييف، التي تواجه أزمة سياسية داخلية متصاعدة بسبب تحقيقات الفساد في قطاع الطاقة، إلى رفض الشروط التي تراها لصالح موسكو، فيما تواصل القوات الروسية التقدم على خطوط المواجهة.
أمام هذا المشهد، يبرز السؤال: هل سينقل ويتكوف وكوشنر إلى بوتين عرضاً جديداً لا يتضمن التنازل عن أراضٍ أوكرانية؟ وكيف سيكون ردّ الكرملين حينها؟
خصوصاً أن المسؤولين الروس سبق أن أكدوا أن مسألة "دونباس" وغيرها من النقاط الخلافية تشكّل ركائز لا يمكن تجاوزها في أي خطة سلام مع أوكرانيا.
الـــمــــزيــــــــــد
