صرّح وزير الخارجية الهولندي ديفيد فان فيل لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت" بأن بلاده تسعى إلى تعزيز شراكاتها مع السعودية والارتقاء بالعلاقات إلى مستوى استراتيجي يتماشى مع رؤية المملكة 2030، مؤكدًا أنّ هولندا ترى في الرياض قوة جيوسياسية مؤثرة وشريكًا أساسيًا في ترسيخ السلام والاستقرار الإقليمي.
وأوضح الوزير الهولندي أنّ بلاده تعتزم تعزيز التعاون الاقتصادي مع السعودية، كاشفًا أن وزيرة التجارة الخارجية والتنمية أوكي دي فريس ستزور الرياض على رأس وفد اقتصادي يضم رؤساء شركات هولندية لبحث فرص الشراكة. وأشار إلى أنّ الزيارة تحمل آفاقًا استثمارية واعدة.
ولفت فان فيل إلى أن العلاقات بين البلدين تمتد لأكثر من 153 عامًا، منذ افتتاح أول قنصلية هولندية في جدة عام 1872، مؤكدًا رغبة الجانبين في توسيع التعاون في قطاعات: الطاقة المتجددة، الزراعة، المباني الخالية من الكربون، الترفيه، الرقمنة، والدبلوماسية.
وزار وزير الخارجية الهولندي السعودية في أواخر تشرين الأول الماضي، حيث التقى نظيره الأمير فيصل بن فرحان، واصفًا الزيارة بأنها "مثمرة للغاية". وقبل ذلك، عقدت السعودية وهولندا 5 جولات من المشاورات السياسية، آخرها في نيسان الماضي.
وأكد فان فيل مجددًا دعم بلاده الثابت لحل الدولتين قائلاً: "ندعم الجهود الدبلوماسية السعودية الهادفة لتحقيق حل الدولتين، فهو الحل الوحيد القادر على وضع أسس سلام دائم".
كما أشاد بدور السعودية الإقليمي، سواء في تعزيز الأمن الإقليمي أو في جهودها لحل الأزمة الأوكرانية عبر استضافتها محادثات مشتركة بين أميركا – روسيا – أوكرانيا.
وأشار فان فيل إلى أنّ حجم التجارة الثنائية تجاوز 17 مليار دولار في العام الجاري، مؤكدًا أن السعودية هي أكبر شريك تجاري لهولندا في الخليج. كما تعمل أكثر من 100 شركة هولندية داخل السعودية، فيما يوفر موظفو أرامكو وسابك في هولندا أكثر من 3500 فرصة عمل.
وأفاد بأن التبادل التجاري بين دول الخليج وهولندا يتجاوز 30 مليار دولار، لافتًا إلى أنّ بلاده تُعد مصدرًا رئيسيًا لتقنيات المياه والبيئة والطاقة المستدامة.
وأكد الوزير الهولندي أن هناك مصلحة مشتركة بين دول الخليج والاتحاد الأوروبي تقوم على حماية الاستقرار الإقليمي، مشيرًا إلى أنّ ملفات السيادة الإقليمية، مكافحة التطرّف، والأمن البحري تشكّل أولويات التعاون.
وكشف فان فيل أن هولندا تعتزم تقديم مساهمات بشرية لدعم عمليات مركز التنسيق المدني – العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة، ويشرف على تنفيذ وقف إطلاق النار في غزة. ولفت إلى أنّ بلاده ستقيم لاحقًا مساحة مشاركتها الإضافية.
وأضاف أنّ هولندا تدرس الدور المناسب للمرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، معتبرًا خطة السلام التي قدّمها الرئيس الأميركي دونالد ترامب "نقطة تحول" لإنهاء معاناة أهالي القطاع.
ووصف الحرب على غزة بأنها تركت "تأثيرًا بالغًا" في المنطقة، معتبرًا أن تصاعد الجدل حول الاعتراف بالدولة الفلسطينية بات مسألة مركزية. ودعا إلى نزع سلاح حركة حماس وعدم مشاركتها في الدولة الفلسطينية المستقبلية، مؤكدًا ضرورة إجراء السلطة الفلسطينية إصلاحات أساسية.
وحذر فان فيل من خطورة الوضع في السودان، واصفًا الأزمة بأنها "الأكبر في العالم حاليًا"، مع نزوح ملايين المدنيين داخليًا وخارجيًا. وشدد على ضرورة وقف إطلاق النار الفوري في الفاشر ودارفور وسائر الولايات، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية.
وفي السياق نفسه، أشار الوزير الهولندي إلى أن كييف أبدت "مرونة بنّاءة" وقبلت باقتراح الرئيس الأميركي ترامب بوقف إطلاق النار على خطوط الجبهات الحالية، في حين اتهم موسكو بـ"المماطلة وعدم التعاون" لإحراز أي تقدّم حقيقي.