نشرت صحيفة "معاريف" العبرية، مساء الثلاثاء، تقريرًا مطوّلًا تناولت فيه مسار التدخلات الإسرائيلية في سوريا، محذّرة ممّا وصفته بـ"غياب استراتيجية واضحة" لدى الحكومة الإسرائيلية، الأمر الذي يخلق ارتباكًا ميدانيًا ويدفع دمشق — وفق الصحيفة — إلى "الاقتراب من أعدائنا".
وقالت "معاريف" إن تحرّك الجيش الإسرائيلي في سوريا الأسبوع الماضي يعكس ارتباكًا عملياتيًا وسياسيًا، في ظل غياب رؤية تحدّد ماذا تريد تل أبيب فعلًا من الساحة السورية. واعتبرت أن النتيجة هي "خطأ عملياتي" يختصر مشهد نهاية الحرب على خمس جبهات، حيث لا أحد، بحسب الصحيفة، يعرف "أين نحن وإلى أين نتجه".
وطرحت الصحيفة سلسلة طويلة من الأسئلة: "ما الذي تريده إسرائيل تحديدًا في سوريا؟ إلى أين تتجه دمشق؟ هل الرئيس الأميركي دونالد ترامب مدرك لما يحصل هناك؟ وهل يقلق أحد من الصعود التركي ومحاولة إعادة تشكيل تنظيمات مشابهة لـ'داعش' بإدارة حكومية؟"
وترى "معاريف" أن الحكومة الإسرائيلية "تغرق رأسها في الرمال" وتمتنع عن ممارسة أي دبلوماسية سياسية، مدفوعة — برأيها — بعوامل شخصية تتعلق بعلاقة بنيامين نتنياهو بالرئيس الأميركي دونالد ترامب. وفي هذا الفراغ، يتحرك الجيش ضمن ما يجيده عسكريًا، لكن من دون غطاء سياسي، الأمر الذي يتيح للحكومة تحميل المؤسسة العسكرية مسؤولية الإخفاق.
وتضيف الصحيفة أن الجيش يعمد إلى إنشاء "سلسلة مواقع استيطانية غير ضرورية" هدفها حماية جنوده من هجمات محتملة، ويرسل وحدات احتياطية لتنفيذ اعتقالات كأنها تحصل "في نابلس"، معتبرة أن المشكلة ليست عملياتية فقط، بل "حماقة استراتيجية" تُغذّيها نشوة القوة.
وتؤكد "معاريف" أن إسرائيل تمنع الجيش السوري من الانتشار في مناطق قريبة من حدودها، وتتجاهل السيادة السورية، في الوقت الذي تعتقل فيه مجموعات وصلت — وفق الصحيفة — للرد على وجود الجيش الإسرائيلي. وتتهم الصحيفة حكومة نتنياهو بأنها تمنع دمشق من معالجة ما تصفه بأنه "جذور المشكلة".
وتقترح الصحيفة أن على إسرائيل السعي إلى اتفاقية أمنية مع سوريا يجري تأجيلها حاليًا، على أن تُسند المسؤولية لاحقًا إلى الجيش السوري "بعد إعادة بنائه تحت إشراف أميركي لا تركي"، لضمان التوازن الإقليمي بين السعودية وتركيا.
وترى أن منطقة أمنية منزوعة من الأسلحة الثقيلة يجب أن تكون تحت سيطرة الجيش السوري الجديد لمنع أي عداء مستقبلي، وأنّ الضربات الجوية الإسرائيلية يجب أن تُنفّذ فقط بعد التأكد من تقصير الطرف السوري في معالجة المجموعات المسلّحة.
وتعتبر "معاريف" أن السلوك الإسرائيلي الحالي يخدم "الرواية التركية الجديدة" التي تتهم إسرائيل بـ"انتهاك السيادة" في سوريا ولبنان وغزة. وبحسب الصحيفة، فإن "حرب الاستنزاف" الجارية تُبقي المنطقة على نار هادئة، لكنها ستتفاقم مع الوقت، وتُستغل داخليًا من قبل نتنياهو لتعزيز مواقفه السياسية وتأجيل محاكماته.
وتحذّر من أن هذا النهج "يتناقض تمامًا مع المصلحة الأمنية الحقيقية لإسرائيل"، ويقوّض ما تبقّى من الإنجازات العسكرية، ويؤثر على ميزانية الجيش وشرعيته الدولية، فيما تتراجع معنويات المجتمع الإسرائيلي.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول إن ما يجري هو "حرب تنقيط" — وهي استراتيجية تقوم على هجمات متقطعة ومحدودة — معتبرة أنها "سيئة جدًا بالنسبة لإسرائيل".