وبحسب مصدر بلدي في بلدية عرسال لـ "ليبانون ديبايت"، فإن ما جرى يوم أمس يُعدّ "ضربة صادمة للأهالي الذين كانوا على أتمّ استعداد لاستقبال أبنائهم بعد شهرين من التوقيف في سجن عدرا السوري في ظروف قاسية للغاية".
وقال المصدر: "البيان الذي أصدره الأهالي يعكس حجم الوجع. القرار القضائي السوري واضح وصريح: الإفراج الفوري عن جميع السائقين، والغرامة — 200 ألف دولار — دُفعت بالكامل للجمارك السورية، لكن ما حصل على الأرض يناقض تمامًا هذا القرار".
إخلاء سبيل سائق سوري فقط… وصدمة في عرسال
وفق المصدر، بمجرد صدور قرار القضاء السوري بإخلاء سبيل السائقين الـ13 من أبناء البلدة، إضافة إلى سائق سوري مشمول في الملف نفسه، توجّه الأهالي إلى سجن عدرا بانتظار خروجهم، وكانت العائلات على أهبة الاستعداد للاحتفال بعودة أبنائها.
إلا أنّ المفاجأة كانت صادمة، إذ أفرجت إدارة السجن عن السائق السوري فقط، بينما بقي السائقون العراسلة قيد الاحتجاز، خلافًا لقرار المحكمة.
وأوضح المصدر: "تمّ إبلاغ الأهالي بشكل غير رسمي بأن هناك توجّهًا لتحويل السائقين إلى الدولة اللبنانية عبر الحدود، رغم أنّ القاضي السوري شدّد على أنّ الإفراج يجب أن يكون فوريًا ومن دون تسليم لأي جهة أخرى. هذه مخالفة صريحة للمسار القضائي."
الأهالي أمام بوابة السجن… والقلق يكبر
منذ لحظة الصدمة، بقيت عشرات العائلات مرابطة أمام سجن عدرا. بعضهم رفض المغادرة قبل رؤية أبنائه، وآخرون تخوفوا من سيناريوات غير واضحة قد تأخذ الملف إلى مسارات غير قانونية أو غير إنسانية.
وجاء في البيان: "نحذّر من أنّ أي محاولة لتسليم أبنائنا خلافًا لقرار القضاء السوري ستجعل ردّة فعل الأهالي غير مضمونة، ونحمّل الجهات المعنية كامل المسؤولية".
لكن البيان دعا في المقابل إلى ضبط النفس وعدم التعرّض للنازحين السوريين في البلدة، مؤكدًا: "إخواننا السوريون ليسوا طرفًا، ولا يجوز تحميل الأبرياء وزر قرارات سياسية أو إدارية ظالمة".
وزارة الداخلية السورية… ومخاوف "فتح صفحة" على حساب عرسال
وأشار المصدر البلدي إلى أنّ الأهالي يشعرون بأن هناك "نية سياسية ما"، مضيفًا: "هناك انطباع أنّ وزارة الداخلية السورية تريد فتح صفحة جديدة مع الدولة اللبنانية وحزب الله، لكن ليس من المقبول أن تُدفع هذه الفاتورة من دم وعرق شباب عرسال الذين كانوا يدخلون القلمون بشاحناتهم لإنقاذ الأطفال والنساء أثناء سنوات الحرب".
وأضاف: "عرسال دفعت الكثير، وقدّمت الكثير، ولا يجوز قلب الحقائق أو التعامل معها على أنّها الطرف الأضعف".
خلفية القضية: تشدّد سوري غير مسبوق
تشير معلومات "ليبانون ديبايت" إلى أنّ عددًا من السائقين اللبنانيين أُوقفوا قبل شهر ونصف الشهر بتهمة إدخال صهاريج مازوت إلى الأراضي السورية عبر منطقة القاع.
وعلى عكس السنوات السابقة، حيث كانت السلطات السورية تعيد السائقين إلى لبنان من دون إجراءات قاسية، فقد تشدّدت هذه المرّة وادّعت عليهم بجرائم تتعلق بالتهرّب الجمركي. وبعد متابعة قانونية دقيقة، أصدر القضاء السوري قرارًا بتغريمهم ومصادرة المواد المحمّلة، مع وعد بالإفراج عنهم قريبًا.
وبالفعل، دُفعت الغرامة بالكامل — أي 200 ألف دولار — من قبل أصحاب الشاحنات، قبل أن يفاجأ الجميع بالتراجع عن تنفيذ قرار الإفراج.
انتظار ثقيل… وقلق أكبر
وختم المصدر حديثه: "ما نريده واضح: احترام قرار القضاء السوري وتنفيذه فورًا، لا أكثر ولا أقل. الأهالي يعيشون حالة انهيار نفسي، والبلدة كلّها على أعصابها. استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى توتّرات لا يريدها أحد".
وجدّد الأهالي في بيانهم الطلب إلى وزارة الداخلية السورية بالإفراج الفوري عن السائقين العراسلة، "حرصًا على الحق والاستقرار، ومنعًا لأي فتنة لا يربح فيها أحد".
وحتى اللحظة، لا تزال عرسال تنتظر… بين قرار قضائي واضح وتنفيذ غامض يفتح الباب أمام أسئلة أكثر من الأجوبة.