بين حسابات البقاء السياسي وغضب الشارع الإسرائيلي، أثار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عاصفة سياسية جديدة بعد تقدّمه بطلب رسمي للعفو الرئاسي عن قضايا الفساد التي تلاحقه منذ سنوات.
وتُعد هذه الخطوة غير مسبوقة لرئيس حكومة يُحاكم وهو في منصبه، حيث يعتبرها كثيرون محاولة واضحة لإنهاء ملف محاكمته قبل انتخابات 2026، ومحاولة لتثبيت موقعه السياسي بعد تراجع شعبيته عقب هجوم 7 تشرين الأول.
وتلاحق نتنياهو ثلاث قضايا فساد يُجبر بسببها على المثول أسبوعياً أمام المحكمة، في حين ينفي أي تورط بها، واصفاً الاتهامات بأنها "مؤامرة سياسية" تستهدفه.
وبحسب استطلاعين للرأي، فإن أكثر من 40٪ من الإسرائيليين يعارضون العفو عنه.
ويرى الكاتب ناحوم برنيع في صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن طلب العفو "ليس خطوة قانونية بل سياسية بحتة"، مشيراً إلى أن حصول نتنياهو على عفو شامل سيُعفيه من المحاكمة ويستفيد منه انتخابياً، أما في حال فشل المسعى فسيجسّد نفسه بصورة “الضحية” حتى موعد الانتخابات.
الخبيرة القانونية دوريت كُسكاس اعتبرت بدورها أن طلب العفو "أداة سياسية" بيد نتنياهو تهدف إلى محو تبعات إخفاقاته للسماح له بمواصلة مسيرته السياسية.
أما الكاتب السياسي آري شافيت، فتوقع إمكانية عقد "صفقة سياسية" يحصل نتنياهو بموجبها على عفو مقابل وقف كامل للإصلاح القضائي الذي تسبب في انقسام كبير داخل إسرائيل عام 2023.
وفي رسالته المرفقة بطلب العفو، قال نتنياهو إن إنهاء محاكمته سيضع حداً للانقسام الداخلي. وفي المقابل، يرى خصومه أن أي عفو يجب أن يُرتبط بخروجه من الحياة السياسية.
من جانبه، أكد الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ أن القضية "تثير الكثير من الجدل"، مشدداً على أن "مصلحة الدولة" ستكون المعيار الحاسم عند النظر بالطلب.
وترى المحللة السياسية ميريام شيرمر أن العفو عن نتنياهو لن يخفف الانقسامات ما لم يؤدِّ فعلاً إلى تشكيل ائتلاف وسطي واسع بعد سنوات من الجمود السياسي. وتعتقد أن ذلك يتطلب تخلي المعارضة عن "شيطنته"، وموافقة نتنياهو على الحكم مع أحزاب غير حلفائه اليمينيين المتطرفين أو الأحزاب الدينية.
كما شددت شيرمر على ضرورة تشكيل لجنة تحقيق حقيقية تبحث في الإخفاقات الأمنية والسياسية التي أدت إلى هجوم “حماس”، وهي خطوة يرفضها نتنياهو رغم التأييد الواسع لها داخل إسرائيل، معتبرة أن الأخير "لن يواجه مشكلة في التخلي عن الإصلاح القضائي مقابل ولاية سياسية أخيرة".