صرّح رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل، في مقابلة مع مجلة “فالور أكتويل” الفرنسية، أنّ زيارة البابا إلى لبنان تحمل دلالات أساسية تتجاوز البعد الروحي، إذ تشكّل برأيه رسالة تضامن واضحة مع المسيحيين في لبنان، وتأكيدًا على دورهم ووجودهم في منطقة تتخبّط بالأزمات. وأوضح أنّ هذه الزيارة تُجسّد “رسالة الفاتيكان التاريخية الداعية إلى السلام”، وهو ما يتطلع إليه اللبنانيون عمومًا والمسيحيون خصوصًا من أجل الخروج من مسار الحروب وعدم الاستقرار نحو مستقبل مزدهر وأكثر أمانًا.
وأشار الجميّل إلى أنّ حضور البابا في لبنان يعيد لفت أنظار المجتمع الدولي إلى هذا البلد الصغير، في وقت يشهد فيه الملف اللبناني تراجعًا في الاهتمام الخارجي، مؤكدًا أنّ استمرار وجود المسيحيين وحقوقهم الكاملة يبقى عنصرًا أساسيًا في هوية لبنان.
وتناول الجميّل أبعاد الزيارة السياسية، معتبرًا أن توقيتها يحمل رسائل موجهة إلى القوى الدولية المؤثرة في الساحة اللبنانية، بينها الولايات المتحدة وإسرائيل. لكنه رأى أنّ هذه الرسائل ليست كفيلة بتغيير الحسابات الاستراتيجية لتلك الدول، بل تذكّرها بضرورة مراعاة جميع مكونات المجتمع اللبناني.
وفي سياق متصل، أعاد الجميّل التذكير بموقفه الرافض لإقصاء الطائفة الشيعية بعد المواجهة الأخيرة في الجنوب، مشددًا على أنّ الشيعة “جزء أساسي من مستقبل لبنان”، وأن إبعادهم عن الحياة الوطنية سيؤدي فقط إلى تعزيز ارتباطهم بحزب الله. واعتبر أنّ طمأنتهم حول دورهم الكامل داخل الدولة هو شرط لازم لإعادة بناء الثقة الوطنية.
وعن النفوذ الإيراني، قال الجميّل إنّ طهران لا تزال متمسكة بدورها في لبنان، وترفض أي توجّه جديد داخل الطائفة الشيعية تجاه مقاربة مختلفة لملف الأمن والسلاح، مشيرًا إلى أنّ التصريحات الإيرانية الأخيرة تؤكد استمرار اعتبار حزب الله جزءًا من استراتيجيتها الإقليمية.
وعبّر الجميّل عن مخاوفه من أنّ عدم معالجة ملف السلاح غير الشرعي قد يقود إلى مواجهة جديدة، مؤكدًا أنّ الحل يبدأ بتعزيز مؤسسات الدولة والجيش حصراً، ومعتبرًا أنّ أي تدخل خارجي مباشر سيعني تهديدًا لسيادة لبنان.
وتطرّق الجميّل إلى ما يتعرض له رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون من انتقادات بشأن بطء تطبيق بنود وقف إطلاق النار، مؤكّدًا أنّ الرئيس يعمل ضمن ظروف شديدة التعقيد، ويتعامل بحذر مع ملف السلاح تفادياً لصدام داخلي. وشدّد على أنّ دعم الرئيس وحماية موقعه مسألة ضرورية، لأن أي إضعاف لدوره سيفتح الباب أمام تدخلات خارجية لا تراعي مصلحة لبنان.
أما عن الدور الفرنسي، فأوضح الجميّل أنّ العلاقات تمرّ بمرحلة ركود، وأن باريس لا تمتلك حاليًا تأثيرًا مباشرًا على الأطراف الرئيسية في لبنان، أي إيران وإسرائيل. لكنه اعتبر أنّ العودة الفرنسية إلى المشهد ممكنة وواعدة بعد تثبيت الأمن وتقدم مسار نزع السلاح، خصوصًا على صعيد إعادة بناء المؤسسات الاقتصادية والبنى التحتية.