وبحسب مصادر الحزب، فإن المقاربة تتجاوز الأسماء. فالدخول في عملية تفاوض عبر “الميكانيزم” – وخصوصاً مع إدراج الملف الاقتصادي سريعاً – يمنح العدو ورقة مجانية ويفقد لبنان عنصر المناورة. وتشير المصادر إلى أن هذا السلوك يعكس اتجاهاً تطبيعياً واضحاً لا ينسجم مع المصلحة الوطنية كما يراها الحزب.
وتضيف المصادر أن الحزب يعتبر أن أي انخراط غير محسوب في هذا المسار لا يخدم مصلحة لبنان، بل يخدم إسرائيل حصراً. لذلك يرى الحزب أن “الانبطاح” أمام المفاوضات بالشكل المطروح سيقود إلى نتائج معاكسة تماماً للمطلوب.
وتوضح مصادر حزب الله أن النظرة إلى الحرب الدائرة تتشابك مع رؤية الحزب للدور الأميركي في المنطقة. فقرار الحرب والسلم – وفق تقدير الحزب – لا يصدر من تل أبيب وحدها، بل من واشنطن. وتلفت المصادر إلى أن الولايات المتحدة تدرك أن الحرب الشاملة قد تشكّل فرصة ذهبية للحزب كما يراها هو، ولهذا يبقى احتمال اندلاع حرب واسعة ضعيفاً رغم الضجيج الإعلامي.
وحول هذه “الفرصة”، تختصر مصادر الحزب الأسباب ببعدين أساسيين:
1. أي حرب ستؤدي حكماً إلى تهجير المستوطنات الشمالية، وهو ما تخشاه إسرائيل بشدة.
2. إسرائيل تحتاج إلى ضمانتين غير متوافرتين: الحسم العسكري ومنع تدخل إيران. وبغياب هاتين الضمانتين، تصبح الحرب مغامرة مكلفة.
وتضيف المصادر أن الولايات المتحدة، الواقعة بين الضغط الإسرائيلي من جهة والضغط السياسي الداخلي من جهة أخرى، تستخدم وسائل اقتصادية وعسكرية للحدّ من قدرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الذهاب إلى حرب واسعة كما ترغب إسرائيل.
كما تشير مصادر الحزب إلى أن المفاوضات المطروحة حالياً تتناقض كلياً مع اتفاق وقف إطلاق النار، الذي نصّ على انسحاب إسرائيل من النقاط المحتلة خلال 60 يوماً (جرى تمديدها لاحقاً)، من دون أن تنفّذ إسرائيل أي انسحاب أو توقف الأعمال العدائية. وترى المصادر أن مبادرة لبنان إلى مفاوضات قبل التزام إسرائيل بتعهداتها تشكّل تنازلاً يهدد أي مكاسب مستقبلية.
وتبدي المصادر نفسها خشيتها من الأطماع الإسرائيلية المستمرة بإقامة “منطقة عازلة” تصل إلى نهر الليطاني، وهو هدف تعمل عليه إسرائيل منذ سنوات، ولن تتراجع عنه إذا سنحت لها الظروف الميدانية.
وتؤكد مصادر الحزب أن هذه الهواجس ستكون بنداً رئيسياً على طاولة النقاشات المقبلة مع المسؤولين، وخصوصاً الرئاستين الأولى والثانية. وتشير إلى أن الحزب يستعد لخوض “معركة منع التنازلات” مطمئناً إلى موقف واضح من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وقائد الجيش الرافض لأي صدام مع الحزب.
أما داخلياً، وفي ما يتعلق بالانتخابات النيابية، تكشف مصادر حزب الله أن الحزب يعتبر الاستحقاق صعباً في الظروف الراهنة، ولن يسعى إلى دفعه قدماً في موعده، تفادياً لأي مفاجآت قد تستهدف “البلوك الشيعي” أو تحاول اختراقه.