ترأس البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي قداس اليوم الدولي للأشخاص ذووي إعاقة على مذبح كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي، بحضور فاعليات سياسية ودبلوماسية ونقابية.
وقال: "نقيم اليوم القداس على نيّة الأشخاص ذوي إعاقة، وعلى نيّة عائلاتهم والمؤسسات التي تُعنى بهم. إنّنا نحتفل اليوم بيومهم الدولي الذي يقام في الثالث من شهر كانون الأول. ويتّخذ احتفال اليوم شعار: "كلّنا على صورته"، للدلالة أنّ جميع الناس مخلوقون على صورة الله التي توحّدهم في الكرامة والحقوق والمساواة."
وتابع، "لا بدّ من التوقّف عند الحدث التاريخي الذي عاشه لبنان قبل أيام قليلة، زيارة قداسة البابا لاون الرابع عشر، الذي غادرنا قبل أربعة أيام فقط، زيارة ستبقى محفورة في تاريخ بلدنا. لقد دخل البابا أرض لبنان كحامل رسالة سلام ورجاء، كصوت يذكّر العالم بأنّ لبنان ليس مجرّد مساحة جغرافية، بل رسالة، كما قال سلفه القديس يوحنا بولس الثاني. وكانت كلمات البابا، في عظاته وخطاباته، دعوة واضحة إلى المصالحة، إلى إعادة بناء الثقة، إلى أن يعيش لبنان رسالته في التنوّع، وأن يصنع من جراحه جسراً للحوار."
وأضاف، "زيارة البابا كانت ثمرَة رحمة، ونسيمَ سلامٍ على وطن متعب، ولم تكن حدثًا يمرّ، بل علامة على مستقبل يجب أن نصنعه، لأن الزيارات التاريخية قيمتها بما تخلّفه، لا بما مضى منها. لذلك نقول، كما تلهمنا تعاليم قداسة البابا، إنّ السلام ثمرة الرحمة، وثمرة الرحمة المصالحة. فعندما يتجذّر فعل الرحمة في حياة الإنسان والمجتمع، تُشفى القلوب من الأحقاد، وتنفتح الطرق أمام اللقاء الصادق. وعندما تتحقّق المصالحة في الضمير، في البيت، في السياسة، وفي بنية الدولة عندها فقط يبدأ السلام أن يتجسّد واقعًا، لا مجرد أمنية. هذا ما حمله إلينا قداسة البابا في صوته الواضح: أن يتجاوز اللبنانيون منطق الانقسام، وأن يعودوا إلى روح الرحمة التي تبني، وتُصالح، وتُعيد لوطنهم رسالته. فهنيئًا للبنان بهذه الزيارة التي تذكّرنا بأن مستقبل هذا الوطن يبدأ من قلب يتّسع بالرحمة، ويكبر بالمصالحة، ويثمر سلامًا للجميع"."
وختم الراعي: "العالم كلّه اليوم يبحث عن رحمة، لكن لبنان أكثر من يحتاج إليها، لأن الرحمة وحدها تغيّر المسار وتفتح الطريق. تمامًا كما فتح الله طريق الخلاص بولادة يوحنا، يمكن لرحمتنا السياسية والاجتماعية أن تفتح طريق القيامة الوطنية. فلنصلّ، كي تكون ولادة يوحنا علامة لولادة لبنانية جديدة، وكي يتحوّل بكم الواقع إلى كلمة حقّ، وصمت المؤسسات إلى مبادرات، وعقم السياسة إلى مشاريع حياة، رافعين المجد والشكر لله الرحوم الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".