أرسل السيناتور الجمهوري توم كوتون، رئيس لجنة الاستخبارات في الكونغرس الأميركي، خطابًا عاجلًا إلى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كاش باتيل ووزير الدفاع بيت هيغسيث، مطالبًا بفتح تحقيق حول وجود عناصر يُشتبه بارتباطها بإيران داخل مجتمع الاستخبارات الأميركي، وفق ما علمت به صحيفة "نيويورك بوست" حصريًا.
ودعت الرسالة، التي أُرسلت، مكتب التحقيقات ووزارة الدفاع إلى مراجعة القضية "بشكل شامل من منظور مكافحة التجسّس واحتمالات المخالفات الجنائية"، محذّرة من احتمال أن تكون "معلومات تخص الأمن القومي قد قُدّمت لقوّة أجنبية معادية"، أو أنّ مواطنين أميركيين يعملون لصالح حكومة معادية ربما سعوا إلى التأثير في السياسة الأميركية.
وفي الخطاب ذاته، نبّه كوتون إلى أنّ "أفرادًا مرتبطين بالحكومة الإيرانية قد أثّروا وربما ما زالوا يؤثّرون في عمليات الحكومة الأميركية"، مشيرًا تحديدًا إلى أريان طباطبائي، وهي مستشارة سياسات رفيعة في البنتاغون سبق اتهامها بالتجسّس.
وتشير الرسالة إلى أنّ طباطبائي، وهي عضو مؤسّس في "مبادرة الخبراء الإيرانيين" (IEI)، شغلت منصبًا بارزًا في وزارة الخارجية خلال إدارة بايدن، ولا تزال تعمل في البنتاغون كمستشارة سياسات عليا.
طباطبائي، البالغة 40 عامًا والمولودة في إيران، اتُّهمت في وثائق مسرّبة عام 2023 بأنّها كانت مجنَّدة طوعًا في عملية نفوذ تديرها وزارة الخارجية الإيرانية.
وتشير الصحيفة إلى أنّ مؤيّدين للنظام الإيراني يُشتبه بأنّهم تسلّلوا إلى أجهزة الاستخبارات الأميركية ووجّهوا بعض السياسات. وتُظهر الوثائق أنّ طباطبائي كانت منخرطة في تأسيس مبادرة الخبراء الإيرانيين عام 2014، وهي مبادرة أطلقتها وزارة الخارجية الإيرانية بهدف "الترويج لحجج طهران في الغرب".
وكانت طباطبائي أيضًا من كبار مساعدي روبرت مالي، المبعوث الخاص لإيران في إدارة بايدن، والذي أُوقف عن عمله في حزيران 2023 بسبب سوء التعامل مع "مواد محمية". ويتهمه منتقدون بأنّه كان محور فضيحة واسعة في وزارة الخارجية، عبر تبنّي موقف متساهل تجاه إيران، سمح – بحسب الادعاءات – بمساعدة حماس وحزب الله في شنّ هجمات ضد إسرائيل.
لسنوات، وصف الجمهوريون طباطبائي بأنّها جاسوسة، وهو ادّعاء نفاه مسؤولون في الاستخبارات الأميركية خلال عهد بايدن مرارًا.
وفي تشرين الأول الماضي، عندما سُرّبت وثائق أميركية تتعلّق بضربة مخطّطة ضد إيران، وهو تطور اعتُبر ضربة كبرى للجهد العسكري الإسرائيلي، أشارت الاستخبارات الإسرائيلية مباشرة إلى طباطبائي كجهة محتملة وراء التسريب.
وأكدت رسالة كوتون أن إدارة بايدن تجاهلت الدعوات إلى "تنظيف" المؤسسات من عناصر أجنبية تعمل داخل البنتاغون، محذّرة من أن خصوم الولايات المتحدة "حصلوا على مواقع بارزة داخل وخارج الحكومة خلال إدارة بايدن".
ونقل التقرير عن خبير أميركي في الشأن الإيراني قوله عام 2024: "كانت هناك شبهات سابقة حول تعاونها مع النظام الإيراني، وطالب البعض بسحب تصريحها الأمني". ومع ذلك، أكدت وزارة الدفاع سابقًا أنّها ليست مشتبهًا بها في حادثة التسريب.
وتحدّث كوتون إلى صحيفة "نيويورك بوست" بعد إرسال الخطاب، مؤكّدًا ضرورة معالجة ما وصفه بـ"ثقوب سفينة الأمن القومي التي تركتها إدارة بايدن". وقال: "إيران ترفع شعار 'الموت لأميركا'، ولذلك فمن المقلق للغاية أن يسمح جو بايدن لشخص بهذه الدرجة من الارتباط بالقيادة الإيرانية بالوصول إلى أمننا القومي". وأضاف أنّ على كلٍّ من الـFBI ووزارة الدفاع "مواصلة تصحيح الإخفاقات الأمنية في إدارة بايدن".
ولا تزال طباطبائي تحتفظ بوظيفتها في البنتاغون، براتب يبلغ 153,434 دولارًا سنويًا، إضافة إلى تصريحها الأمني.
وتشير الصحيفة إلى أنّ طباطبائي نشأت في طهران، وهي ابنة سيد جواد طباطبائي، أحد أبرز المفكّرين السياسيين الإيرانيين، والذي كان مقرّبًا من الرئيسين الإيرانيين محمد خاتمي وحسن روحاني قبل وفاته عام 2023.
وفي الرسالة الموجّهة إلى باتيل وهيغسيث، كتب كوتون بصفته رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ محذّرًا من أنّ أعضاء في مبادرة IEI حصلوا خلال إدارة بايدن على "مناصب بارزة داخل وخارج الحكومة، ممّا يشكّل خطرًا على الأمن القومي". ووفقًا لشبكة "إيران إنترناشونال"، أُطلقت المبادرة عام 2014 بهدف "الترويج لمواقف طهران في الغرب". ولم تتحدث طباطبائي علنًا عن دورها فيها.
وقالت وزارة الدفاع: "تلقّينا رسالة السيناتور كوتون، وسنرسل ردّنا مباشرة إلى مكتبه".
وتختتم الرسالة باتهام "عدّة مسؤولين عيّنهم أوباما وبايدن" بإجراء اتصالات متكررة وغير مُبلّغ عنها عبر سنوات مع مسؤولين إيرانيين، منهم وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، والسعي لتلقي توجيهات منه. وجاء في الخطاب: "بينما تجاهلت إدارة بايدن الدعوات المتكررة لإبعاد المسؤولين المرتبطين بـIEI والحكومة الإيرانية، ينبغي على مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الدفاع الآن تصحيح هذا الخطأ".