وفي ظل هذا الجدل، يبرز موقف المنسّق العام للحملة الوطنية لإعادة النازحين السوريين، النقيب مارون الخولي، الذي عبر في حديث إلى "ليبانون ديبايت"، عن رفضه الحاسم للزيارة المرتقبة لوفد قضائي لبناني إلى دمشق، مؤكّدًا أن الأمر لا يمرّ كمسألة بروتوكولية أو تقنية كما يُحاول البعض تصويره، بل يمسّ مباشرةً جوهر سيادة القضاء اللبناني واستقلاليته.
وقال الخولي إن الزيارة تأتي في توقيت حسّاس يرتبط بملف قضائي شائك، ما يجعلها، بحسب رأيه، خطوة تحمل مخاطر جدّية، إذ لا يجوز لقضاة لبنانيين أن يزوروا طرفًا معنيًا بملفات لا تزال عالقة أمام القضاء في لبنان، هذا الأمر، يخلق انطباعًا خطيرًا يتعلق بالرأي أو التوجّه المسبق، ويُفسح المجال لاحتمال التأثير على مسار القضاة، بما يتناقض مع المبادئ الدستورية والأعراف القضائية الدولية التي تفرض على القاضي البقاء على مسافة واحدة من جميع الأطراف وعدم الاجتماع بجهة لها مصلحة مباشرة بملفات معروضة أمامه.
وأشار إلى أن الذهاب في زيارة كهذه قبل صدور أحكام مبرمة بحق عدد من الموقوفين السوريين المتهمين بارتكاب جرائم ضد الجيش اللبناني واللبنانيين يُعدّ تجاوزًا خطيرًا لمبدأ فصل السلطات، ويمكن أن يتحوّل إلى مدخل لصياغة تفاهمات سياسية أو شبه سياسية على حساب السلطة القضائية، الأمر الذي يضرّ بثقة اللبنانيين بالقضاء ويمسّ مبدأ المساواة أمام القانون.
وتابع الخولي موضحًا أن سيادة الدولة اللبنانية لا تُحمى بالزيارات الشكلية ولا بالمفاوضات الثنائية المغلقة، بل عبر التزام القوانين اللبنانية حصراً، وضمان عدم تعريض القضاة لأي ضغط أو تأثير مباشر أو غير مباشر.
ويذكّر بأن الطرف الآخر أي الدولة السورية ما زال معنيًا بملفات أمنية وقضائية مفتوحة منذ سنوات، من بينها ملف المفقودين اللبنانيين في السجون السورية، وهو ملف لم تُظهر دمشق، وفق قوله، أي استعداد فعلي للتعاون الشفاف بشأنه حتى اليوم.
ورفض الخولي تبرير الزيارة بعبارات من نوع "عدم تعقيد العلاقات بين البلدين"، معتبرًا أن العلاقة بين الدول تُنظّمها القوانين لا المجاملات.
وأضاف، الدولة التي ترفض إعادة مواطنيها النازحين بطريقة منظّمة لا يمكن أن تُكافأ بفتح مفاوضات قضائية تُدار خارج إطار السيادة اللبنانية الكاملة".
وفي هذا السياق، دعا الخولي وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى إعادة النقاش إلى المؤسسات الدستورية المختصة، وإعداد أي اتفاقية مستقبلية ضمن الأصول القانونية اللبنانية ومع ضمانات واضحة تمنع أي تدخّل أو تأثير على القضاء.
كما شدد على ضرورة وضع إطار لبناني مستقل لمعالجة ملف السجناء السوريين، يحفظ هيبة الدولة وحقوق اللبنانيين، ويُبعد القضاء عن أي مسار سياسي أو تفاوضي يمكن أن يسيء للعدالة أو يقوّض الثقة فيها. واعتبر أن التفاوض مع دولة ترفض إعادة مواطنيها النازحين يشكّل تناقضًا غير مقبول ولا يمكن التساهل معه.