عرض مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تركيا والشرق الأوسط، توم باراك، في تصريح لصحيفة "جيروزالِم بوست"، رؤية وُصفت بأنّها من الأكثر جرأة في السنوات الأخيرة بشأن مستقبل المنطقة، متحدثًا عن تقارب وشيك بين إسرائيل وسوريا، وعن دور محتمل لتركيا في غزة، ومشيدًا — في الوقت نفسه — بما اعتبره حاجة إسرائيل إلى "قيادة قوية" رغم كونها "ديمقراطية كاملة".
استهل باراك حديثه بنفي التصريحات التي نُقلت عنه سابقًا والتي فُهم منها أنه شكّك بالديمقراطية الإسرائيلية، وقال: "إسرائيل ديمقراطية، لم أقل إنها ليست كذلك. قلت إنها تزعم أنها ديمقراطية لأنها تحتاج إلى حكم قوي من أجل البقاء. لا أحد يشكك في أنها ديمقراطية، ونتنياهو رجل قوي". وأضاف: "ما يعجبني في نتنياهو هو أنه يقول الأمور كما هي… حتى عندما لا أحب ذلك".
أحد المحاور المركزية في مقابلة باراك كان إمكانية التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وسوريا. وقال بثقة: "أنا أؤمن بأننا سنصل إلى اتفاق بين إسرائيل وسوريا. هذا مصلحة إسرائيلية". وأوضح أن التطورات الميدانية الأخيرة تعكس مؤشرات إيجابية، لافتًا إلى أنه "خلال الأسابيع الخمسة الماضية فقط، أحبطت القوات السورية — بالتعاون مع الاستخبارات الأميركية والتركية — شحنة أسلحة كانت في طريقها إلى حزب الله".
ووصف باراك الساحة السورية بأنها "الأكثر واقعية" لإحراز تقدم دبلوماسي من جانب إسرائيل، قائلاً: "في هذه اللحظة، أسهل خطوة يمكن لإسرائيل اتخاذها هي سوريا. إنها المكان الأبسط لإظهار يدٍ مرنة للعالم وتجاوز التوترات". وأضاف: "السوريون يعرفون أن مستقبلهم يعتمد على اتفاق أمني واضح مع إسرائيل، وعلى ترسيم حدود. لديهم حافز لعدم اتخاذ مواقف عدائية تجاه إسرائيل".
وأشار باراك إلى تغيّر جذري في الحسابات الإسرائيلية بعد عمليات 7 تشرين الأول، قائلاً: "بعد السابع من تشرين، إسرائيل لا تثق بأحد. لا مشكلة… اخلقوا حلقات أمان متدرجة: هنا ممنوع الصواريخ، هناك ممنوع الـRPG، الطيران فوق خطوط معينة يُراقَب بالكامل. السوريون مستعدون لذلك بشكل غير مسبوق".
قال باراك حول الدور التركي، الذي شغل منصبًا دبلوماسيًا رفيعًا في أنقرة، إن لتركيا إمكانات كبيرة للمساهمة في استقرار غزة، مضيفًا: "أعتقد أن تركيا، ضمن قوة متعددة الجنسيات في غزة، تستطيع أن تساعد. لديهم قدرات التعامل مع حماس". وحاول باراك تبديد المخاوف من توجهات أنقرة الإقليمية، قائلاً: "لا توجد لتركيا سياسة عدوانية تجاه إسرائيل. آخر ما تفكر فيه هو إحياء الإمبراطورية العثمانية". كما أبدى اقتناعًا بأن تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل أمر منطقي وممكن.
ووجّه باراك على المستوى الاستراتيجي، رسالة واضحة إلى القيادة الإسرائيلية قائلاً: "لا يمكنكم محاربة كل دولة حولكم في الوقت نفسه". واعتبر أن تسوية مع سوريا يمكن أن تصبح نقطة ارتكاز في بناء استقرار أوسع في الشرق الأوسط.
وتناول باراك في ما يتعلق بصفقات السلاح، مسألة بيع طائرات F-35 لتركيا، مشيرًا إلى الموقف الإسرائيلي الرافض لهذه الخطوة، وقال: "إسرائيل تعارض ذلك بشكل قاطع، وهذا مفهوم تمامًا بالنسبة لهم".
اختتم باراك كلامه بنبرة إيجابية، قائلاً: "أنا متأكد أننا نتقدم نحو اتفاق بين إسرائيل وسوريا… إلى أن أقرأ الإعلام الإسرائيلي. ومع ذلك، أقول إننا سنصل إلى هناك".