اقليمي ودولي

رصد موقع ليبانون ديبايت
الخميس 11 كانون الأول 2025 - 16:04 رصد موقع ليبانون ديبايت
رصد موقع ليبانون ديبايت

دمشق تتحوّل إلى محور توتر… الخلاف الأميركي – الإسرائيلي يطفو إلى السطح

دمشق تتحوّل إلى محور توتر… الخلاف الأميركي – الإسرائيلي يطفو إلى السطح

حلّلت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير أعدّه دوف ليبر ملامح التوتر بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن النظام السوري الحالي، الذي تتعامل معه واشنطن بوصفه حليفًا جديدًا، وتسعى إلى أن تنسجم إسرائيل مع موقفها تجاهه. وأشارت الصحيفة إلى أنّ المقاربة الإسرائيلية المتشدّدة تجاه الحكومة السورية الجديدة تتناقض مع توجهات واشنطن.


وبحسب التقرير، يريد الرئيس الأميركي دونالد ترامب إيجاد حلّ سريع للتوترات الممتدة منذ عقود بين سوريا وإسرائيل. وبعد انهيار نظام بشار الأسد، وسّعت إسرائيل وجودها داخل الأراضي السورية على مساحة 155 ميلاً مربعاً لا تزال تسيطر عليها، ونفّذت اعتقالات وصادرت أسلحة، وشنت غارات على جنوب سوريا.


وفي الصيف الماضي، شنّت الطائرات الإسرائيلية غارات على دمشق بزعم الدفاع عن الأقلية الدرزية ذات الروابط القوية مع إسرائيل. وفي الوقت ذاته، رفع الرئيس ترامب العقوبات عن الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، بناءً على مطالب من السعودية وتركيا، وامتدحه واصفًا إياه بـ"الرجل الشاب والجذّاب" و"أنه يقوم بمهمة جيدة".


وترى الصحيفة أن الانقسام بين سوريا وإسرائيل شكّل مصدر إحباط لواشنطن، التي دعمت إسرائيل في حروبها مع حماس وحزب الله وإيران. وكشفت أنّ الولايات المتحدة تتوسط في مفاوضات حول اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل يمهّد لسلام طويل الأمد، إلا أن هذه المفاوضات تبدو متعثّرة.


في ظل وقف إطلاق النار في غزة، ومساعٍ لإنهاء القتال في أوكرانيا، يدعو ترامب إسرائيل إلى إبرام الاتفاق. لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يشترط موافقة سوريا على نزع السلاح من الأراضي الممتدة من جنوب دمشق حتى الحدود، وهو مطلب يرفضه الشرع بحجة أنّه سيخلق فراغًا أمنيًا في جنوب البلاد.


وتضيف الصحيفة أن تجربة 7 تشرين الأول/أكتوبر علّمت إسرائيل عدم التضحية بأمنها لإرضاء جيرانها أو الولايات المتحدة. وتشير إلى أنّ الإسرائيليين يستعيدون دروس الانسحاب من غزة عام 2005، ومن جنوب لبنان عام 2000. ونقلت عن المستشار الأمني القومي السابق يعقوب أميدرور قوله: "المخاطرة سهلة في واشنطن، لكنها أكثر خطورة في مرتفعات الجولان لأن الوضع قريب جدًا".


لم ينتقد ترامب إسرائيل علنًا بسبب سياستها تجاه سوريا، لكنه أوضح ما يريد. وكتب على "تروث سوشيال": "من المهم جدًا أن تحافظ إسرائيل على حوار قوي وحقيقي مع سوريا" و"يجب ألا يحدث أي شيء يعيق مسيرة سوريا نحو الازدهار". وتبيّن مواقف إسرائيل اليوم كيف تتعامل "تل أبيب" مع المخاطر الأمنية منذ هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.


وتحمّل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية القيادة السياسية مسؤولية عدم القدرة على التنبؤ بهجمات حماس. ومنذ التوصل إلى وقف إطلاق النار مع حزب الله في تشرين الثاني/نوفمبر 2024، أبقت إسرائيل وجودًا عسكريًا قرب الحدود في لبنان، ونفّذت غارات شبه يومية بدعوى منع إعادة تسلّح الميليشيا اللبنانية.


وترى الصحيفة أن بعض الجنرالات السابقين وخبراء الأمن يخشون أن يبالغ نتنياهو في ردّه على سوريا، الأمر الذي قد يضرّ بالعلاقة مع الولايات المتحدة، ويعزز الصورة الإقليمية لإسرائيل بوصفها قوة تبحث عن صراعات دائمة.


ونقلت الصحيفة عن أفنير غولوف، المدير السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، قوله إن "المخاطر في سوريا أقل من أي مكان آخر، وإذا كنتم تريدون من ترامب أن يكون معكم في القضايا الأكثر أهمية وخطورة، فهذه هي الورقة التي يجب أن تدفعوا بها". ودعا غولوف إلى حلّ وسط سريع يسمح للقوات السورية بتسيير دوريات قرب الحدود، شرط حظر الأسلحة الثقيلة أو وجود قوات تركية. وأكد أن على إسرائيل الانتقال من "استعراض القوة العسكرية إلى بناء قوة دبلوماسية".


كما أشارت الصحيفة إلى أن ترامب يأمل في ضمّ سوريا إلى اتفاقيات "أبراهام"، لكن مسؤولين من الدول الثلاث يؤكدون أن الوقت لا يزال مبكرًا، وأن الأولوية حاليًا للاتفاق الأمني، المرجّح أن يشبه اتفاق عدم الاعتداء لعام 1974 الذي أنشأ منطقة عازلة منزوعة السلاح.


وقال توم باراك، مبعوث ترامب إلى سوريا وسفيره لدى تركيا، إن الحكومة السورية تستجيب لمطالب واشنطن المتعلقة بإسرائيل، "لكن الإسرائيليين لا يبادلونها بالمثل". وفي مقابلة مع صحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية، قال إن سوريا "تنفّذ كل ما نطلبه منها، وندفعها باتجاه إسرائيل"، مضيفًا: "إسرائيل لا تثق بهم بعد، لذا فالأمر أبطأ قليلًا".


وأوضحت الصحيفة أن الحدود بين سوريا وإسرائيل كانت من أهدأ الجبهات خلال حكم الأسد، الذي كان حليفًا لإيران، وسمح لها بدعم حزب الله ونقل السلاح عبر سوريا. لكن النظام السوري الجديد يعارض طهران، رغم استمرار شكوك إسرائيل بسبب وجود عناصر في السلطة كانوا سابقًا ضمن تنظيم القاعدة، وفق التقرير.


وترى إسرائيل أن الشرع قد لا يكون قادرًا على توحيد بلد يشهد انقسامات عميقة وتصاعدًا في العنف بين مكوناته العرقية والطائفية والدينية. وفي المنطقة، يُنظر إلى أن محاولات إسرائيل إبقاء سوريا ضعيفة ومنقسمة تقوّض المساعي الأميركية والإقليمية لدعم توحيد البلاد.


وتزامنًا مع إطالة أمد المفاوضات، اندلعت جولات من القتال. ففي أواخر تشرين الثاني/نوفمبر، دخلت القوات الإسرائيلية بلدة بيت جن، على بعد أقل من 16 كيلومترًا من الحدود، لاعتقال مشتبهين بالانتماء إلى جماعات مسلّحة. وأسفرت الاشتباكات عن استشهاد 13 سوريًا وإصابة 6 جنود إسرائيليين، وفق الجيش الإسرائيلي والتلفزيون السوري.


وفي الليلة نفسها، احتشد سوريون في دمشق لإحياء الذكرى الأولى لسقوط نظام الأسد، وأحرق بعضهم أعلامًا إسرائيلية. وخلال الأسبوع الحالي، أعربت إسرائيل لواشنطن عن قلقها من مقاطع فيديو يظهر فيها جنود سوريون يهتفون لغزة ويهدّدون إسرائيل خلال الاحتفالات.


وقالت كارميت فالنسي، رئيسة برنامج سوريا في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب: "من الواضح أن هناك تصعيدًا في الموقف ونبرة أكثر تشددًا تجاه إسرائيل في الأسابيع الأخيرة".


وفي فعالية أقيمت في قطر نهاية الأسبوع الماضي، ندد الشرع بتوسيع إسرائيل للمنطقة العازلة، واصفًا ذلك بأنه خطير، واتهمها بمحاولة التهرّب من مسؤوليتها عمّا وصفه بـ"المجازر المروّعة" في غزة، وإثارة شبح هجوم جديد شبيه بهجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر من دون مبرّر. وقال الشرع: "أصبحت إسرائيل دولة تخوض حربًا ضد أشباح".


من جهته، قال ويليام ويكسلر، المدير الأول لبرامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي في واشنطن، إنه التقى مؤخرًا بمسؤولين سوريين كبار أبدوا انفتاحًا للعمل مع إسرائيل للتعامل مع تحديات أخرى، بينها العنف الطائفي، لكنه رأى أن الفرصة تتضاءل، وأن تشدد إسرائيل يدفع سوريا أكثر نحو تركيا، الداعمة للشرع والخصم التقليدي لإسرائيل.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة