وفي ظل هذا المشهد المأزوم، يقدّم الخبير والكاتب الاقتصادي أنطوان فرح في حديثٍ إلى "ليبانون ديبايت"، قراءة واضحة للمشكلة البنيوية في علاقة الدولة اللبنانية بالبنك الدولي، وللمخاطر التي قد تترتّب على استمرار تعطيل التشريع.
ويرى فرح أن "العلاقة بين البنك الدولي والدولة اللبنانية لم تكن مشجّعة من الأساس، مذكّرًا بأنّه قبل عام 2019 كانت المشاريع المموّلة من قبل البنك الدولي تنام في أدراج الوزراء، والسبب بسيط، بعض الوزراء كانوا يعتبرون أنّ إشراف البنك الدولي على هذه المشاريع سيحرمهم، ويحرم الوزارة والأحزاب، من الهدر والفساد والتنفيعات التي كانوا يستفيدون منها عبر تنفيذ مشاريع أخرى خارج إطار البنك الدولي، وبالتالي، كانت التجربة إلى حدٍّ كبير فاشلة، مشيرًا إلى مشاريع أو قروضٍ أُلغيت لأنها تأخّرت عن مواعيدها أو جرى تحويلها إلى مشاريع أخرى".
كما يوضح أنه "بعد الانهيار، كانت هناك تجربة استجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر، أيضًا كان هناك مشروع جاهز من البنك الدولي لتمويله، لكن الدولة اللبنانية تقاعست ولم تلبِّ الشروط، ومن ضمن هذه الشروط حينها تشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء وإجراء جرد مالي في مؤسسة كهرباء لبنان، وبالتالي تمّ أيضًا إلغاء هذا التمويل من قبل البنك الدولي.
ويقول فرح: "اليوم، ومع العهد الجديد وحكومة جديدة، كان الأمل أن يكون المناخ قد تغيّر، وأن تُنفَّذ القروض والمشاريع التي تمّ الاتفاق عليها مع البنك الدولي بسرعة، للأسف، هذا الأمر لم يحصل بسبب الخلافات السياسية التي اندلعت في المجلس النيابي حول قانون الانتخابات، والتي أوقفت التشريع، والجلسة التشريعية التي كانت مخصّصة لإقرار هذا القرض توقّفت، وبالتالي، أعتقد أنّ المطلوب من رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، وهو المفترض أن يكون حريصًا مثل اللبنانيين، بل أكثر من باقي الأطراف، على مشروع إعادة الإعمار، لأن هذا القرض مخصّص لإعادة الإعمار، أن يبتكر الحلول لتأمين عقد جلسة لإقرار هذا القرض، للبدء بمشروع إعادة الإعمار، على الأقل في ما يتعلق بالبنية التحتية".
ويلفت، ردًا على المخاطر من إلغاء هذا القرض في حال تأخّر إقراره، إلى أنّ "القروض لا تبقى مفتوحة إلى الأبد، لكن لا توجد مدّة محدّدة مسبقًا من قبل البنك الدولي، لذا، المدة المعتمدة هي ما يُسمّى "المدة المنطقية المعقولة"، وهذه ما زلنا ضمنها، وبالتالي لا يوجد اليوم خطر مباشر بإلغاء القرض، لكنه يشدد على أنه إذا تأخّرنا أكثر، وإذا، كما يتم التداول، لم يحصل تشريع ولن يُقرّ هذا القرض من الآن وحتى الانتخابات النيابية المقبلة في أيار المقبل، عندها بالتأكيد قد يكون هناك خطر بإلغاء هذا القرض أو تجميده".