كشف موقع “واللا” الإسرائيلي، في تقرير أعدّه المراسل العسكري أمير بوخبوط، أنّ الولايات المتحدة تمارس ضغوطًا مباشرة حالت دون تنفيذ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية واسعة النطاق ضد حزب الله، كان مخططًا لها في عمق لبنان، بما في ذلك محيط بيروت، ما دفع إسرائيل إلى اعتماد خيار العمليات المحدودة والمركّزة بدلًا من مواجهة شاملة.
وبحسب التقرير، تشير تقديرات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إلى أنّ حزب الله يعمل خلال الأشهر الأخيرة على إعادة بناء قدراته العسكرية بوتيرة متسارعة، بدعم مالي إيراني يُقدَّر بمئات ملايين الدولارات. ورغم ذلك، تصطدم أي محاولة إسرائيلية لتوسيع رقعة العمليات برفض أميركي واضح، ما أدى إلى تراجع الخيار العسكري الواسع لمصلحة ضربات “جراحية” جوية وبرية، تتركّز أساسًا في جنوب لبنان، وليس في بيروت.
وينقل بوخبوط عن مصادر أمنية إسرائيلية قولها إن هذا التوجّه لا ينسجم مع موقف عدد من كبار القادة في المؤسسة العسكرية، الذين يفضّلون إطلاق عملية عسكرية تمتد لعدة أيام متواصلة، بهدف ضرب قدرات حزب الله وإحباط محاولاته المستمرة لإعادة ترميم بنيته العسكرية. إلا أنّ هذه المقاربة، بحسب المصادر نفسها، تصطدم بحسابات سياسية تتعلّق بالعلاقة مع واشنطن.
ونقلت المصادر العسكرية لموقع “واللا” قولها:“الانطباع السائد هو أنّ المستوى السياسي يخشى التصعيد، ليس مع حزب الله بقدر ما يخشى الصدام مع الأميركيين. لذلك تُختار الأهداف بعناية فائقة، وتُفرض تعليمات اشتباك صارمة جدًا على القوات على الحدود اللبنانية، بهدف ضبط النفس ومنع إطلاق النار حتى على مشتبه بهم”.
ووفق معطيات قيادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، التي أوردها التقرير، نُفّذت منذ مطلع تشرين الثاني سلسلة ضربات جوية وعمليات برية أسفرت عن مقتل 28 عنصرًا من حزب الله، من بينهم ما لا يقل عن 15 عنصرًا من وحدة النخبة “قوة رضوان”. ومن أبرز القتلى، بحسب المصدر نفسه، رئيس أركان حزب الله هايثم علي طباطبائي، إلى جانب قادة ميدانيين آخرين في “قوة رضوان”، بينهم مسؤولون عن الدعم اللوجستي، وإعادة تأهيل البنى التحتية، وتهريب وسائل قتالية، وجمع معلومات استخبارية.
كما أشار التقرير إلى مقتل 13 عنصرًا من حركة حماس خلال استهداف مجمّع تدريب في جنوب لبنان.
وبيّنت بيانات قيادة المنطقة الشمالية، وفق “واللا”، أنّه خلال 23 غارة جوية وعمليات برية متفرّقة، جرى تدمير بنى تحتية وممتلكات تابعة لحزب الله، شملت مستودعات أسلحة، ولا سيما مخازن صواريخ قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى، إضافة إلى منصّات إطلاق ومراكز تدريب وتأهيل تابعة لوحدة “قوة رضوان”. كذلك استهدف سلاح الجو الإسرائيلي مواقع إنتاج وتخزين أنظمة قتالية متطوّرة جرى تهريبها إلى لبنان، خصوصًا في منطقة البقاع.
وفي السياق نفسه، أفاد التقرير بأنّ قوات الفرقة 91 في الجيش الإسرائيلي، بقيادة العميد يوآف غاز، نفّذت عمليات برية داخل قرى جنوب لبنان، أسفرت عن تدمير مبانٍ استُخدمت، بحسب الرواية الإسرائيلية، كبنى تحتية “إرهابية”، إضافة إلى ضبط وتدمير وسائل قتالية، وآبار وأنفاق قديمة، ومستودعات ذخيرة، بهدف منع إعادة استخدامها مستقبلًا.
وفي لقاء عقده هذا الأسبوع قائد المنطقة الشمالية، اللواء رافي ميلو، مع قادة بارزين في قوات الاحتياط، شدّد، بحسب ما نقل بوخبوط، على ضرورة إحباط محاولات حزب الله إعادة بناء بنيته التحتية وقدرات “قوة رضوان”، وعلى ما وصفه بـ”الانتهاكات المتواصلة لوقف إطلاق النار” من قبل الحزب، واستخدامه المدنيين كـ”دروع بشرية”. كما أشار إلى استخلاص العبر من أحداث 7 تشرين الأول، محذّرًا من خطر عملية مفاجئة قد ينفّذها حزب الله، مؤكّدًا أنّ الجيش الإسرائيلي يستعدّ لمثل هذا السيناريو في البرّ والبحر والجوّ، وبالتنسيق مع شعبة الاستخبارات.
وختم تقرير “واللا” بالإشارة إلى وجود تشاؤم داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية حيال قدرة ما يُعرف بـ”حكومة التغيير” في لبنان على نزع سلاح حزب الله، رغم الدعم الغربي وبعض الأصوات الداخلية اللبنانية المؤيّدة لهذا المسار، معتبرًا أنّ هذا العجز يزيد من تعقيد المشهد الأمني على الجبهة الشمالية.