يُشير مصدر متابع لـ”ليبانون ديبايت” إلى أن “الخوف سببه أن القطاع المصرفي حاليًا ينقسم إلى ثلاث مجموعات، وكل مجموعة تُشكّل لوبيًا يتواصل مع الجهات النافذة لضمان مصالحه والبقاء في السوق بعيدًا عن مظلّة جمعية المصارف، خصوصًا أن إقرار قانون الفجوة المالية سيُحتّم على المصارف تأمين سيولة لإعادة الرسملة، وهو إجراء تستطيع قسم من المصارف تأمينه، لذلك تتكتّل في لوبي لتأمين الأرضية مع الجهات المختصة وترتيب أوضاعها في المرحلة المقبلة، في حين أن قسمًا آخر من المصارف يسعى إلى تخفيض المبلغ المطلوب منه لإعادة الرسملة لعدم قدرته على تأمينه، ويُشكّل لوبيًا يتواصل مع جهات داخلية وخارجية للوصول إلى مراده، أما المجموعة الثالثة التي لا يمكنها تأمين الرسملة المطلوبة فستجد نفسها خارج السوق، ومن دون أي مظلّة تحميها، والتي من المفترض أن تكون جمعية المصارف”.
إذ تعيش جمعية المصارف معركة صامتة اسمها المصالح المتضاربة، حوّلتها إلى “حارة كل من إيدو إلو”، وهي ليست وليدة المرحلة الحالية، كما ينقل مصدر مطّلع لـ”ليبانون ديبايت”، بل بدأت منذ الانهيار المالي مع توجّس المصارف الصغيرة والمتوسطة من أداء المصارف الكبيرة، وخشيتها من أن يكون ذلك على حساب بقائها. لذلك حاولت الاعتراض مرتين على تفرّد جمعية المصارف والمصارف الكبرى بالقرار. الأولى بعد الأزمة مباشرة، حيث طُرحت فكرة تقديم دعوى ضد مصرف لبنان (على غرار الدعوى التي قدّمتها المصارف ضد الدولة اللبنانية)، وتم وضع لائحة بالمصارف الموافقة على هذا الإجراء، لكن سرعان ما جاء التهديد المباشر من سلامة حينها بأن المصرف الذي سيقوم بهذه الخطوة سيُقفل حسابه في مصرف لبنان. والمحاولة الثانية جرت بعد تسلّم الحاكم كريم سعيد لمهامه، حيث طلبوا لقاءه للتشاور معه، فكان جوابه بأنه “لن يُقابل أي مسؤول أو صاحب مصرف، وعلى الجميع القبول بالقرار الذي سيتخذه بشأن القطاع المصرفي”، ليكتشفوا لاحقًا أن لقاءات تتم بين أصحاب المصارف الكبرى والسياسيين بشكل منفرد وبالسر، ومن هنا يأتي التوجّس من حصول تسويات غير منصفة.
السؤال الذي يُطرح هنا: ما الذي يدفع المصارف المتضرّرة من أداء جمعية المصارف ومصرف لبنان إلى القبول بالطريقة التي يُعاملهم بها الحاكم سعيد؟ يجيب المصدر: “إنها حالة الترقّب التي يعيشها الجميع، وانعدام الثقة بالجمعية، في الوقت الذي يدعو الجميع إلى عدم قبول أي حلول يتم طرحها منذ بداية الأزمة. وهذا ما يدفع المصارف المتوسطة والصغيرة إلى عدم اتخاذ أي خطوة تُغضب الحاكم في الوقت الحاضر، إضافة إلى حالة الإنكار التي يعيشونها، بالرغم من مرور ست سنوات على الأزمة، ورفضهم تقديم أي تنازلات في ما يتعلق بتوزيع الخسائر، ورهانهم على أن الانصياع لأوامر سعيد سيُبقيهم في السوق، على غرار ما كان يحصل مع سلامة”.
في مقابل هذا التخبط، يعتبر المصدر أنه “بالرغم من الأخطاء التي ارتُكبت بحق المودعين، إلا أن الفاسدين من المصرفيين هم من أداروا القطاع في عهد الحاكم السابق رياض سلامة، وأوصلوه إلى هذه الحالة المهترئة داخليًا والسمعة السيئة خارجيًا، ويعملون حاليًا للبقاء في السوق من دون محاسبة وبمباركة من المركزي والمنظومة السياسية. وإلى جانب هؤلاء، هناك مصارف لم تستفد من الهندسات المالية وكانت تُنفّذ تعاميم مصرف لبنان حينها، لكن خطأها منذ وقوع الأزمة هو رفضها التفكير والتصرّف وفقًا للمعايير المصرفية العالمية، ورهانها على أن السير وفق نهج التسويات الداخلية سيُعيد لها الثقة المفقودة، وهذا أمر غير ممكن بعد كل ما حصل”.
ويختم: “المضحك – المبكي أن الجميع لا يثقون ببعضهم البعض، وهم أشبه بمسلسل عشرة عبيد صغار، إذ إن كل مصرف يُحاول النفاذ بريشه، لكن يجمعهم عنوانان: الأول البقاء تحت خيمة جمعية المصارف ظاهريًا، والثاني التمسّك برفض تحمّل المسؤولية، ولو كان هذا الأمر خارج أي منطق مصرفي”.