المحلية

ليبانون ديبايت
الاثنين 15 كانون الأول 2025 - 07:11 ليبانون ديبايت
ليبانون ديبايت

خليل خوري… منظومة مافيا الفيول في لبنان تخرج إلى العلن

خليل خوري… منظومة مافيا الفيول في لبنان تخرج إلى العلن

"ليبانون ديبايت"


لم يعد الحديث عن الفساد في قطاع الطاقة مجرّد توصيف سياسي أو مادة سجالية عابرة. فالوقائع المتراكمة، والوثائق، والمسارات التي تكشّفت تباعاً، تؤكد أن لبنان كان ولا يزال أمام منظومة فساد متكاملة تتحكّم بالمناقصات والعقود والتوريد، وتعمل تحت غطاء سياسي وإداري يسمح لها بالالتفاف على القوانين واستنزاف المال العام من دون أي رادع فعلي.

الأخطر في هذا المشهد لا يكمن فقط في حجم المخالفات، بل في طريقة تعاطي الدولة معها. ففي العام 2023، وبدل أن تتحرك المؤسسات المعنية لملاحقة شبهات التواطؤ بين الشركات، وعلى رأسها شركة Petraco، عبر ممثلها خليل خوري، وهي القضية التي كشفها Lebanon Debate في حينه، جرى قلب المعادلة بالكامل. تحوّل كاشف الفضيحة إلى متهم، وادُّعي على ناشر Lebanon Debate ميشال قنبور، وصدر قرار بضبط هاتفه بحثاً عن مصادره، في سابقة خطيرة عكست بوضوح أن الاقتراب من خطوط المنظومة الحمراء يُقابَل بالقمع لا بالمحاسبة. هكذا، لم تتحرك السلطة لحماية القانون، بل لحماية الشركات.


وفي العام نفسه، عندما قالت هيئة الشراء العام كلمتها الصريحة وطالبت بإبطال المناقصة بسبب مخالفات جوهرية لا تحتمل الاجتهاد، كان يُفترض أن يتوقف المسار برمّته. إلا أن ما حصل كان العكس تماماً، إذ جرى تمرير المناقصة لمصلحة إحدى الشركات، متجاهلين رأي الجهة الرقابية الأعلى، في خطوة لا يمكن فصلها عن حجم النفوذ الذي باتت تتمتع به مافيا الفيول داخل مؤسسات الدولة.


بعد انفجار الفضيحة في عام 2023، خرجت Petraco شكلياً من المشهد، لكنها لم تبتعد فعلياً. عادت من الباب الخلفي تحت اسم Iplom International SA، وبالآلية نفسها تقريباً. الأخطر أن الشركتين استعانتا بالشخص ذاته: خليل خوري، ممثل Petraco سابقاً وممثل Iplom لاحقاً. هنا، لم نعد أمام منطقة رمادية أو شبهة سياسية، بل أمام مخالفة قانونية صريحة لا لبس فيها.


فبحسب ما هو منشور علناً على حساب خليل خوري على LinkedIn، شغل الرجل منصب Senior Advisor في وزارة الطاقة والمياه بين عامي 2022 و2023، أي خلال الفترة نفسها التي جرت فيها مناقصة Petraco في عام 2023، وانطلقت مناقصات الشركات المرتبطة بها. هذا المعطى وحده كافٍ لإسقاط أي محاولة تبرير أو التفاف، إذ إن قانون الشراء العام واضح وصارم في هذا الشأن.


فالمادة الأولى من القانون، الفقرة 30، تنص صراحة على أن تضارب المصالح يتحقق عندما يكون العارض أو أحد العاملين لديه قد قدّم خدمات استشارية لتحضير الدراسات أو المواصفات أو المستندات، أو عمل خلال السنتين السابقتين لدى جهة قامت بهذه الخدمات. أي أن أي مستشار في وزارة الطاقة يُمنع عليه، ولمدة سنتين بعد انتهاء مهامه، تقديم خدمات، أو المشاركة في المناقصات، أو تمثيل عارضين، أو العمل لصالح شركات تتعامل مع الوزارة.


وبحساب زمني بسيط، يتبيّن أن خليل خوري كان مستشاراً حتى أيلول 2023، فيما شاركت Petraco وIplom عبره خلال العام نفسه وخلال فترة الحظر القانونية. النتيجة واضحة ولا تقبل التأويل: تصريح النزاهة الذي وقّعتاه باطل حكماً، مشاركتهما باطلة حكماً، والمخالفة ثابتة قانوناً من دون أي حاجة إلى اجتهاد إضافي.


أمام هذه الوقائع، لم يعد لدى القضاء اللبناني أي هامش للمماطلة أو التذرّع بالالتباس. المطلوب تحرّك فوري يشمل ملاحقة شركة Iplom International SA لإخلالها بتصريح النزاهة وتضليلها الجهات الرقابية، وفتح تحقيق جدي مع المسؤولين في وزارة الطاقة الذين غضّوا النظر عن تضارب مصالح بهذه الخطورة، وتطبيق قانون الشراء العام عبر إقصاء الشركة من أي مناقصات مستقبلية، إضافة إلى مراجعة جميع العقود والمناقصات التي شارك فيها خليل خوري بصفته ممثلاً لأي شركة بعد خروجه من الوزارة، وكشف آلية تمرير المناقصات رغم اعتراض هيئة الشراء العام.


ما يحصل في قطاع الطاقة لم يعد شبهة ولا خطأ إدارياً. نحن أمام مستشار سابق في الوزارة يمثّل شركات تتنافس على مناقصات خلال فترة حظر قانونية واضحة، وشركات وقّعت تصاريح نزاهة رغم علمها بالمخالفة، وسلطة سياسية مرّرت المناقصات رغماً عن الجهات الرقابية.


باختصار، مافيا الفيول لم تعد تعمل في الظل. هي اليوم مكشوفة بالأسماء والمناصب والمسارات. والمعركة لم تعد إعلامية ولا سياسية فقط، بل معركة دولة في مواجهة منظومة تتقن التلاعب بالقانون وبالوزارات وبالمال العام. وإذا لم يتحرّك القضاء الآن، فسيكون لبنان قد سلّم قطاع الطاقة بالكامل لهذه المنظومة، من دون أي مقاومة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة