الأخبار المهمة

باسمة عطوي

باسمة عطوي

ليبانون ديبايت
الثلاثاء 16 كانون الأول 2025 - 08:50 ليبانون ديبايت
باسمة عطوي

باسمة عطوي

ليبانون ديبايت

جمعية المصارف ترفض قانون الفجوة... حرب استباقية لمنع التدقيق

جمعية المصارف ترفض قانون الفجوة... حرب استباقية لمنع التدقيق

"ليبانون ديبايت" - باسمة عطوي


بالرغم من كل الثغرات التي تعتري النسخة المُسرّبة من قانون الفجوة المالية (النسخة التاسعة)، والأخبار التي تُشير إلى أن هذه النسخة تمّ تعديلها أكثر من مرة من قبل اللجنة المُختصة بصياغة القانون، كان لافتًا بيان جمعية المصارف حول هذه النسخة، الذي "يركز على تحميل الدولة ومصرف لبنان المسؤولية الأساسية للأزمة المالية التي نتخبط فيها منذ 6 سنوات، ويحذّر من المسّ بالقطاع المصرفي، ويؤكد أن الودائع مضمونة قانونًا". واقترح البيان خطةً تتضمن "تأمين وفاء مصرف لبنان والمصارف بالتزاماتهما التعاقدية بشأن الودائع، وضمانة الدولة لمصرف لبنان بموجب المادة 113 من قانون النقد والتسليف"، داعيًا إلى "ضمان استعادة القطاع المصرفي للثقة والمصداقية وتحقيق الاستقرار المالي، وطالب بإعادة الودائع من خلال تخصيص ما يلزم من أصول مصرف لبنان والدولة لصالح تنفيذ التزاماتهما، والحدّ بشكل كبير من تحميل المصارف العبء غير العادل المنصوص عليه في المشروع، وصولًا إلى إعادة بناء الثقة في الاقتصاد اللبناني من خلال استعادة النمو والاستدامة المالية".

ما يمكن استخلاصه من البيان، أن الجمعية لا تزال في نفس حالة الإنكار التي تعيشها منذ بداية الأزمة، وتتعامل معها وفقًا للسردية نفسها متجاهلة أن الأزمة سببها نموذج مصرفي اختار خوض المخاطر المفرطة مستغلًا غياب الرقابة والمحاسبة، وعند وقوع الأزمة – المصيبة تحاول تصدير الخسائر إلى أطراف أخرى بدل حلّها.


من وجهة نظر الخبراء، اختباء المصارف وراء القول إنها غير قادرة على تحمّل الخسائر، هو موضع إدانة مباشرة لنموذجها، إذ يعني أن رساميلها لم تكن كافية، وأن أرباح سنوات طويلة لم تُستخدم لبناء صلابة مالية تحمي المودعين، بل لتوسيع التعرّض والمخاطر. أما طرح استخدام أصول الدولة كحل شامل، فهو مسار بالغ الخطورة إذا لم يُرفق بتقييم مستقل وشفاف وحوكمة صارمة، لأنه ينقل الأزمة من القطاع المصرفي إلى المجتمع بأكمله ويضع الملك العام في مهبّ التسويات.


يونس: جنون جمعية المصارف سببه الخوف من تصفير رساميلها


والسؤال الذي يُطرح هنا، ما دلالة هذا البيان قبل صدور القانون بشكل رسمي عن مجلس الوزراء، وما هي الرسائل التي تريد الجمعية إيصالها إلى الحكومة؟


يجيب الصحافي الاقتصادي منير يونس "ليبانون ديبايت" بالقول: "بيان جمعية المصارف ينطوي على رسالتين، الأولى مكتوبة وواضحة، والثانية رسالة مُبطّنة ومقصودة إلى من يعنيهم الأمر. في النسخة المُسرّبة عن قانون الفجوة، هناك بند اسمه تراتبية الخسائر، أي أن توزيع خسائر الفجوة المالية تبدأ بـ"تصفير رساميل المصارف"، وهذه قاعدة مالية عالمية مُتّبعة ويحرص صندوق النقد الدولي على تنفيذها"، موضحًا أن "ما يجري حاليًا أن الجمعية تشعر أن الحكومة يمكن أن تستجيب لشروط الصندوق، بتصفير رساميل المصارف ثم الطلب منها إعادة الرسملة من جديد، هذا الأمر أثار جنون أعضاء الجمعية لأنهم يريدون المحافظة على رساميلهم".


يضيف: "اليوم يعود أعضاء الجمعية إلى سردية أن الدولة هي المسؤولة عن الخسائر، وينسون أن قرارات توظيف الأموال في مصرف لبنان وفي سندات اليوروبوند هي قرارات داخلية اتخذتها المصارف. ففي المصارف هناك لجان الائتمان ولجان المخاطر والإدارة العليا ومجالس الإدارات، وجميعهم اتخذوا القرار بوضع أموال المودعين أو جزء أساسي منها بشهادات إيداع في المصرف المركزي أو استثمار في سندات اليوروبوندز"، جازمًا بأن "هناك مسؤولية تقع على الجهات التي اتخذت هذه القرارات، إذ لم يُجبر أحد المصارف على الاستثمار بشهادات الإيداع لدى المصرف المركزي، إذن هناك مسؤولية وأكيدة تبدأ عند المصارف".


يلفت يونس إلى أنه "في البيان الذي أصدرته الجمعية تقول إن الدولة تتنصل من مسؤولياتها، هذا أمر غير صحيح لأنه في مشروع قانون الفجوة (على علاّته ورغم كل الثغرات التي تعتريه) يضع موجودات مصرف لبنان في سلّة الحلول"، موضحًا أن "جزءًا من الودائع بقيمة 100 ألف دولار سيدفعها مصرف لبنان، وهناك سندات الودائع الطويلة الأجل مضمونة بموجودات المركزي، ما يعني أنه جزء من الحل، كما أن الدولة وفقًا للمادة 113 من قانون النقد والتسليف عليها تغطية خسائر مصرف لبنان، بالتالي القول في بيان الجمعية أن الدولة تتنصل من مسؤوليتها كلام كاذب".


ويؤكد أن "المصارف تريد ببساطة الاحتفاظ برساميلها، وهذا مخالف لشروط صندوق النقد وللمعايير الدولية، التي تنص على أن توزيع الخسائر تبدأ بصاحب المصرف والمساهمين ثم المودعين. لكن الجمعية تريد أن يتحمل المودع الخسائر وأن يحافظ صاحب المصرف على مؤسسته وعلى رأسماله، وكأن شيئًا لم يكن"، لافتًا إلى أن "ما تقصده الجمعية بين سطور البيان هو أنها لا تريد تدقيقًا جنائيًا حول تعاملاتها مع مصرف لبنان، وخصوصًا تعاملات الهندسات المالية التي ربحوا منها المليارات، لأنه إذا نصّ قانون الفجوة على التدقيق بتعاملات المصارف مع مصرف لبنان، حكمًا يجب أن يتطرّق إلى الهندسات المالية، وهذا ما يخيف المصارف ولا يريدونه، ولذلك هم يرفضون مبدأ التدقيق الحقيقي والعميق الذي يطلبه صندوق النقد، لتبيان حقيقة التشابكات بين مصرف لبنان والمصارف وما نتج عنها من عمليات غير طبيعية، لذلك يقومون بحرب استباقية".


في المقابل يُسجّل يونس ملاحظات أخرى على قانون الفجوة، فيقول: "هناك بند يتعلق باقتطاع من أموال المودعين، هذا البند يفترض النظر فيه لأنه على ما يبدو وبحسب النسخة التي سُرّبت، المودع هو أول الخاسرين علمًا أنه يجب أن يكون آخر الخاسرين"، مشيرًا إلى أن "هذه الملاحظة لا علاقة لها ببيان جمعية المصارف، ولكن كي لا نكون في موقع دفاع عن قانون الفجوة، يُفترض ألا يكون المودع هو الخاسر الأول. المعايير العالمية أن توزيع الخسائر تبدأ بالمصارف عبر تصفير رساميلها أو إعادة رسملتها وأن تكون موجوداتها لردّ الودائع، ثم مصرف لبنان كونه مركز زلزال الأزمة".


ويلفت إلى أن "النقطة الجوهرية حسمًا لكل هذا النقاش، قبل تحديد من هي الجهة المحقّة، تكمن في قيام تدقيق جنائي في كل عمليات مصرف لبنان، وهذا أمر بدأ ولم يكتمل، لذلك السؤال موجّه لحاكم مصرف لبنان كريم سعيد: لماذا يتهرّب من حقيقة إجراء تدقيق جنائي شامل في مصرف لبنان؟ ليس فقط منذ اندلاع الأزمة في 2019، بل منذ 2015، حتى تُكشف كل العمليات غير النظامية ونعرف على أي أساس ستتم المحاسبة".


ويختم: "هناك ثغرة كبيرة جدًا هي أن مصرف لبنان لا يريد تدقيقًا جنائيًا عميقًا ومفصلًا في كل ما حصل في هذه المؤسسة التي هي بالنسبة لي مركز زلزال الأزمة. من هنا تبدأ الحلول، وقانون الفجوة المُسرّب هو تسوية من دون الدخول بهذا التدقيق المطلوب".

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة