المحلية

باسمة عطوي

باسمة عطوي

ليبانون ديبايت
الأربعاء 17 كانون الأول 2025 - 09:48 ليبانون ديبايت
باسمة عطوي

باسمة عطوي

ليبانون ديبايت

الصدي يدير الكهرباء كأداة للإشتباك السياسي... والنتيجة أرباحا تصب في جيوب أصحاب المولدات

الصدي يدير الكهرباء كأداة للإشتباك السياسي... والنتيجة أرباحا تصب في جيوب أصحاب المولدات

"ليبانون ديبايت"-باسمة عطوي


لم يُقدم وزير الطاقة جو الصدي خلال 9 أشهر من توليه منصبه، أداءا خارج دائرة المحاصصة وتصفية الحسابات السياسية والتي يتكبّد كلفتها المواطن اللبناني بأرقام إضافية في فواتير الموالدات الخاصة، والدليل الأقرب هو العتمة الشاملة التي كادت تلف لبنان، بسبب توقّف العمل بأحد عقدَي المبادلة الموقّعين مع العراق، وهو العقد الذي كان يؤمّن تشغيل معملي الزهراني ودير عمار ويوفّر نحو 166 ألف طن سنوياً من الفيول أويل. تبرير الصدي أنه لا يريد مراكمة الديون على لبنان، لكن قراره أدى إلى تقليص إيرادات مؤسسة كهرباء لبنان بسبب إنخفاض ساعات التغذية، لأن تأمين الفيول وزيادة الإنتاج يعني زيادة في عدد ساعات التغذية بالتيار، مما يساهم في بيع المزيد من الكهرباء على الشطور العُليا. أما تخفيف كميات الوقود المُتاحة للإستخدام، فتؤدي إلى إنتاج الكهرباء أقل ما يعني إنخفاضاً في حجم الأموال الواردة من الجباية.


بحسب المتابعين يبلغ متوسط كلفة إستهلاك كلّ كيلوواط ساعة من الكهرباء وفقاً لساعات التغذية المنخفضة نحو 14 سنتاً، أي إنها لم تصل إلى 27 سنتاً، وهو المستوى الذي يسمح لمؤسسة كهرباء لبنان بإسترداد الكلفة وفوقها أرباح (ومع ذلك يبقى هذا السعر أقل من سعر المولّدات الذي يتجاوز 35 سنتاً). وطالما ستبقى ساعات التغذية قليلة على حالها، لن يصرف المستهلك كميات كبيرة من الكهرباء تزيد من هامش ربح المؤسسة.

في المحصلة يصح السؤال ومن هو المستفيد الأكبر من تصفية الحسابات هذه؟ بالتأكيد أصحاب المولّدات لأن إستمرار الإتكال عليهم لتأمين التيار الكهربائي، يحمّل المقيمين في لبنان 1.5 مليار دولار إضافية سنوياً.


قانصو :الكهرباء أزمة ثلاثية الأبعاد بين القرار السياسي والحوكمة المعطّلة


يجزم الخبير الإقتصادي الدكتور واجب قانصو ل"ليبانون ديبايت" أنه "في لبنان، لم تعد أزمة الكهرباء مجرّد خلل تقني أو مشكلة تمويل، بل أصبحت مرآة تعكس عمق الأزمة السياسية والإدارية التي تعيق أي إصلاح جدّي. فعلى مدى سنوات، استُنزفت مليارات الدولارات من المال العام من دون أن يواكبها تحسّن مستدام في التغذية، فيما استمر التعامل مع هذا القطاع الحيوي بمنطق المحاصصة وتصفية الحسابات".


يضيف:"إلى جانب توقّف العمل بأحد عقدَي المبادلة الموقّعين مع العراق، وهو العقد الذي كان يؤمّن تشغيل معملي الزهراني ودير عمار ويوفّر نحو 166 ألف طن سنوياً من الفيول أويل، تبرز إشكالية إضافية تتمثّل في عدم التزام الدولة بتسديد مستحقاتها كاملة، إذ لم يُدفع سوى حوالى 650 مليون دولار من أصل 1.78 مليار دولار. هذا التقصير عطّل مساراً كان يمكن أن يشكّل رافعة أساسية لإستقرار الإنتاج، من دون أن تُطرح بدائل عملية في المقابل"، معتبرا أن "لكن العامل الأكثر خطورة يبقى في الصراعات السياسية التي تحوّلت إلى عائق بنيوي أمام أي إصلاح حقيقي في قطاع الكهرباء. فالملف يُدار غالباً كأداة إشتباك سياسي، لا كأولوية وطنية. والملاحظ اليوم أن الوزير المعني ينخرط في عملية تصفية حسابات مع وزراء سابقين ينتمون إلى خيارات سياسية مختلفة، بدل البناء على ما أُنجز ـ مهما كانت ملاحظاتنا عليه ـ وتصحيح الأخطاء ضمن مقاربة مؤسساتية متكاملة. هذا السلوك لا يقدّم كهرباء إضافية للمواطن، بل يبدّد الوقت ويعمّق الإنقسام".


أين الهيئة الناظمة للكهرباء؟


ويشير قانصو إلى أن "سوء التخطيط المزمن داخل وزارة الطاقة، وغياب الرؤية الاستراتيجية الشاملة التي تربط بين الإنتاج، النقل، التوزيع، والتعرفة. وفي موازاة هذا التخبط، يستمر الغياب شبه الكامل للهيئة الناظمة للكهرباء، والتي مرّ على تعيينها أشهر وبرواتب مرتفعة، ما يفرغ الحديث عن الحوكمة والمساءلة من أي مضمون عملي"، موضحا أنه "أما على المستوى المالي والتشغيلي، فقد أدّى إنخفاض ساعات التغذية إلى رفع متوسّط كلفة الكيلوواط ساعة إلى نحو 14 سنتاً. ورغم أن هذا الرقم لا يزال دون مستوى الـ27 سنتاً، وهو الحد الأدنى الذي يسمح لمؤسسة كهرباء لبنان باسترداد كلفتها وتحقيق فائض تشغيلي، إلا أن المفارقة الأساسية تكمن في أن خفض ساعات التغذية لا يضرّ بالمؤسسة فحسب، بل يفتح الباب أيضاً أمام تحقيق أرباح هائلة لأصحاب المولّدات الخاصة"،ويشرح أن "كل ساعة انقطاع إضافية تعني توسّعاً قسرياً في الاعتماد على المولّدات، بكلفة أعلى بكثير على المواطن والاقتصاد، ومن دون أي إطار تنظيمي فعّال يضبط التسعير أو يحدّ من الاحتكار. في المقابل، فإن زيادة ساعات التغذية الرسمية تبقى الخيار الأكثر جدوى اقتصادياً، إذ تخفّض الكلفة الإجمالية، تحسّن الجباية، وتعيد جزءاً من التوازن المالي للمؤسسة".


الدولة لا تدفع فواتيرها!


يرى قانصو أنه "لا يمكن فصل هذا الواقع عن تقاعس الدولة عن تسديد فواتيرها المتوجبة، سواء عن العام 2025، المقدّرة بنحو 160 مليون دولار، أو عن عامي 2023 و2024. هذا الإهمال يضعف قدرة المؤسسة على الصيانة والتشغيل، ويقوّض أي محاولة جديّة للتخطيط المستقبلي.من هنا، يبرز سؤال جوهري: لماذا لا يُشرك القطاع الخاص بشكل منظّم وشفاف في عملية إصلاح الكهرباء؟ "، جازما بأن "فالقطاع الخاص قادر، إذا وُضعت له أطر تنظيمية واضحة وضمانات قانونية، على المساهمة في الإنتاج، تحسين الكفاءة، تخفيف الهدر، وتسريع الاستثمارات، شرط ألا يكون ذلك بديلاً عن دور الدولة الرقابي، بل مكمّلاً له. تجارب عديدة في المنطقة أثبتت أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص ليست خصخصة عشوائية، بل أداة إصلاح فعّالة عندما تُدار بحوكمة سليمة".


ويختم:"في المحصّلة، أزمة الكهرباء في لبنان ليست تقنية ولا مالية فحسب، بل سياسية بإمتياز. من دون تحييد هذا القطاع عن الصراعات، وتفعيل الهيئة الناظمة، احترام الالتزامات المالية، والانفتاح الجدّي على شراكات مدروسة مع القطاع الخاص، سيبقى اللبناني يدفع ثمن العتمة مرتين: مرة من جيبه، ومرة من مستقبل دولته".


تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة