يستعد اللبنانيون والإسرائيليون لنهاية العام مع اقتراب انتهاء المهلة الأولى لنزع سلاح حزب الله جنوب نهر الليطاني، على أن تبدأ بعدها مرحلة ثانية تهدف إلى بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية.
وخلال الأسابيع الأخيرة، برز سعي واضح من جانب الحكومة اللبنانية لإقناع الأميركيين والإسرائيليين بأنها تقوم بعمل ميداني فعّال جنوب الليطاني، وأنها ستعتمد المقاربة نفسها في باقي المناطق اللبنانية.
وفي هذا الإطار، أبلغ مسؤولون لبنانيون الإدارة الأميركية أنّ الدولة اللبنانية متمسكة بمشروعها الأوسع القائم على بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، بالتوازي مع تنفيذ إصلاحات اقتصادية ومالية شاملة، تشمل منع تمويل حزب الله، وصولًا إلى التوصل إلى “سلام مع الجيران”.
وبحسب ما أفادت مصادر دبلوماسية في العاصمة الأميركية لـ"العربية"، جرى استحداث إطار جديد للتعاطي مع الملف اللبناني، بحيث باتت مورغان أورتاغوس والسفير الأميركي في لبنان ميشال عيسى معنيين بالملف من الجانب الأميركي، إلى جانب السفير الإسرائيلي في واشنطن ياخيئيل لايتر، الذي أصبح الممثل المباشر للحكومة الإسرائيلية خلفًا للوزير ديرمر، فيما تولّى السفير السابق سيمون كرم رئاسة الوفد اللبناني إلى اجتماعات الناقورة.
وأوضحت المصادر أنّ هذا التطور لا يعني انتهاء دور الموفد الخاص توم براك، بل يعكس إدخال الولايات المتحدة ولبنان وإسرائيل تعديلات على مقارباتها وعلى الشخصيات المعنية بالملف.
ويؤكد لبنان، في هذا السياق، رغبته في أن يتفهّم الأميركيون والإسرائيليون جدّيته في السعي إلى بسط السيطرة على كامل الأراضي اللبنانية، مع التشديد على أنّ ذلك يتطلب وقتًا. في المقابل، تبلّغت الإدارة الأميركية من إسرائيل إصرارها على موقفها، معتبرة أنّ هناك التزامًا لبنانيًا بنزع سلاح حزب الله، وعلى الجيش اللبناني تنفيذ ذلك.
واكد مصدر مطّلع أنّ إسرائيل أبلغت واشنطن بأنّه لا توجد مهلة محددة لاستخدام القوة العسكرية ضد لبنان وحزب الله، غير أنّ هذا الخيار لا يزال مطروحًا. وأضاف أنّ الحكومة الإسرائيلية تمنح السلطات اللبنانية هامش حركة، لكنها تُبقي التهديد باستخدام القوة قائمًا، مشيرة إلى أنّها ستلجأ إلى عمل عسكري لضرب قدرات حزب الله إذا لم يقم الجيش اللبناني بذلك، من دون تحديد جدول زمني.
ويعود التشدد الإسرائيلي، بحسب المعطيات، إلى موقف حكومة بنيامين نتنياهو التي ترفض العودة إلى ما قبل 7 تشرين الأول، وهو موقف تقول تل أبيب إنّها تتفق عليه بالكامل مع الإدارة الأميركية. كما أنّ واشنطن تدعم بدورها نزع سلاح حزب الله، وأشارت بوضوح في نص ميزانية الدفاع الأميركية لعام 2026 إلى أنّ أي مساعدات للبنان ستُصرف فقط إذا كانت مخصصة لمكافحة حزب الله وسواعد إيران.
كما يتمثل الثابت الثاني في الموقف الإسرائيلي، المتوافق عليه مع واشنطن، في عدم اللجوء إلى المؤسسات الدولية أو المسارات الدبلوماسية لتحقيق الأهداف الأمنية، مقابل الاعتماد على القوة لفرض الأمن على الحدود الشمالية، ومنع أي وجود لحزب الله الذي تعتبره تل أبيب تهديدًا لوجودها.
وفي تعليق على ذلك، قال مسؤول أميركي لـ"العربية" إن أولوية الحكومة الأميركية تتمثل في رعاية الحوار بين جميع الأطراف، والعمل ضمن الآلية المعتمدة بين لبنان وإسرائيل بحضور الولايات المتحدة، بهدف نزع سلاح حزب الله.
وفي موازاة ذلك، يتمسّك الأميركيون بالآليات القائمة بين الطرفين اللبناني والإسرائيلي، والتي تتيح، بحسب مسؤول أميركي، لإسرائيل إيصال طلبات محددة إلى لبنان، وتمنح الجيش اللبناني فرصة للكشف على مواقع أو مخازن سلاح تعتبرها إسرائيل تهديدًا لها.
وأشار المسؤول إلى أنّ التقييم الأميركي لأداء الجيش اللبناني بات أفضل مما كان عليه قبل أشهر، معتبرًا أنّ الجيش يقوم بأفضل جهد ممكن، مع الإقرار بوجود مصدر قلق يتمثل في نجاح إيران في تهريب السلاح والمال إلى حزب الله، ما يساهم في زعزعة الأمن والاستقرار.
وختم المسؤول الأميركي بالإشارة إلى أنّ السؤال المطروح حاليًا هو: أيّ الجهود سيكون أكثر نجاحًا، استمرار إيران في تسليح وتمويل حزب الله، أم تمكّن الجيش اللبناني من نزع سلاحه؟