بحسب تقرير نشره موقع N12 الإسرائيلي بقلم الصحافي نيتسان شابيرا، تتابع إسرائيل بحذر شديد الواقع الجديد في الساحة السورية بعد عام على سقوط نظام بشار الأسد، في ظل تشابك معقّد لعوامل أمنية وإقليمية تشمل تصاعد الدور التركي، ومحاولات إيرانية متواصلة للتموضع، واستمرار عمليات تهريب السلاح، إلى جانب تصاعد الخطاب الشعبي المعادي لإسرائيل داخل سوريا. وفي هذا السياق، تؤكد تل أبيب، وفق التقرير، أنها لا تبني مواقفها على التصريحات العلنية، بل على الأفعال الميدانية، محددة خطوطًا حمراء واضحة لن تسمح بتجاوزها.
وينقل شابيرا عن مصادر أمنية إسرائيلية قولها إن أنقرة تعمل على تعميق تدخلها في سوريا، في إطار سعيها لتعزيز نفوذها الإقليمي والتأثير المباشر على دمشق. ووفق التقديرات الإسرائيلية الواردة في التقرير، يشمل هذا التدخل نقل وسائل قتالية تهدف إلى تعزيز قدرة الجيش السوري على الحركة السريعة، إضافة إلى معدات عسكرية لا تُعتبر في المرحلة الحالية تهديدًا مباشرًا للجيش الإسرائيلي، لكنها تبقى موضع مراقبة دقيقة. وفي هذا الإطار، تؤكد إسرائيل، بحسب N12، أنها على دراية كاملة بحجم وطبيعة الحضور التركي المتنامي داخل الأراضي السورية.
في المقابل، تشدد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، كما جاء في التقرير، على وجود “خطوط حمراء” لا يمكن تجاوزها، ولا سيما في ما يتعلق بوصول أنواع معينة من السلاح إلى سوريا، أياً يكن مصدرها. وتحذر المصادر من أن رصد أي تغيير نوعي في طبيعة هذا السلاح سيقود إلى تحرك عسكري فوري. وبحسب التقديرات الإسرائيلية، يجري تحديث بنك الأهداف في سوريا بشكل دائم، بما يسمح بتنفيذ عمليات سريعة عند الحاجة.
وعلى صعيد آخر، يشير تقرير N12 إلى أن إسرائيل ترى أن إيران لم تتخلَّ عن الساحة السورية، رغم غياب مظاهر تمركز واسعة على الأرض في المرحلة الحالية. وتؤكد التقديرات الأمنية أن طهران تواصل محاولاتها للعمل عبر سوريا، مع استمرار المراقبة اللصيقة لتحركات الميليشيات الموالية لها. وفي هذا السياق، أشار التقرير إلى نشر توثيق مؤخرًا لشبكة أنفاق كُشف عنها على الحدود السورية-العراقية، نُسب بناؤها إلى ميليشيات مدعومة من إيران.
وفي ما يتصل بملف تهريب السلاح إلى لبنان، تنقل القناة الإسرائيلية عن تقديرات تفيد بأن النظام السوري يبذل جهودًا لإظهار أنه يواجه عمليات التهريب عبر الحدود، في محاولة لتوجيه رسالة مفادها أنه يضيّق الخناق على خطوط إمداد حزب الله. إلا أن هذه الجهود، بحسب التقديرات الإسرائيلية، لم تؤدِّ إلى وقف التهريب بشكل كامل، وسط غموض حول حجم ونوعية الأسلحة التي ما زالت تتدفق، مع بقاء الفرضية الأساسية بأن سوريا لا تزال تشكل منصة مركزية لتعزيز قدرات حزب الله.
أما على المستوى الشعبي داخل سوريا، فيلفت تقرير N12 إلى تصاعد الخطاب العدائي تجاه إسرائيل، حيث شهدت فعاليات إحياء الذكرى السنوية لسقوط نظام الأسد هتافات صريحة ضد إسرائيل وتصويرها كعدو. وترى مصادر أمنية إسرائيلية، بحسب التقرير، أن هناك مؤشرات قوية على أن نظام أحمد الشرع يسعى لتسويق صورة معتدلة خارجيًا، في حين أن ممارساته على الأرض تعكس مسارًا مختلفًا. كما تشير التقديرات إلى أن موجة التعاطف الأولى مع النظام الجديد، بما في ذلك في أوساط الدروز، بدأت تتآكل وتتراجع.
وفي هذا السياق، نقلت القناة الإسرائيلية N12 عن مصدر أمني قوله إن “البدلة لا تخدعنا”، في إشارة إلى أن المظاهر الدبلوماسية والرسائل السياسية الناعمة لا تؤثر في التقديرات الأمنية الإسرائيلية، التي تؤكد أن المعيار الوحيد هو السلوك الفعلي على الأرض، لا الخطاب أو الشكل.