في ظل استمرار التوتر الإقليمي وتبادل الرسارات العسكرية والإعلامية بين طهران وتل أبيب، يعود ملف الصراع الصاروخي إلى الواجهة، وسط حديث متزايد عن سيناريوهات مواجهة جديدة تتجاوز حدود الاشتباك التقليدي وتلامس توازنات ردع أكثر حساسية.
أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الإيرانية رضا طلائي أن قدرات ومدى الصواريخ الإيرانية تُدار وفق طبيعة التهديدات المحتملة والتقديرات الدفاعية المعتمدة، وليس بناءً على حملات ضغط أو تهديدات خارجية.
وقال طلائي، في تصريحات لموقع آوش، إن الهجمات والحملات الإسرائيلية الأخيرة ضد البرنامج الصاروخي الإيراني تندرج في إطار حرب دعائية، موضحًا أن القوة الصاروخية الإيرانية وصمود الشعب الإيراني تحت قيادة القائد الأعلى للقوات المسلحة وضعا إسرائيل خلال حرب الـ12 يوماً في مأزق كبير دفعها إلى المطالبة بوقف القتال.
وأضاف أن تسريب بعض المعلومات التي كانت خاضعة لرقابة مشددة داخل إسرائيل كشف بشكل متزايد حجم الضعف الذي واجهه الكيان الإسرائيلي أمام القدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تماسك الجبهة الداخلية الإيرانية خلال المواجهة.
وأشار إلى أن أكثر أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي تطورًا، والتي زوّدت بها القوى العالمية إسرائيل، فشلت في اعتراض الصواريخ الإيرانية الدقيقة التي نجحت في اختراق عدة طبقات دفاعية، معتبرًا أن محاولات التشويش الإعلامي الإسرائيلية تأتي في سياق مواصلة الحرب النفسية ضد الشعب الإيراني.
ولفت المتحدث إلى أن توقف العمليات العسكرية لا يعني انتهاء المواجهة، إذ ما زالت الحرب الإعلامية والنفسية مستمرة بهدف التأثير على الداخل الإيراني وبث الارتباك، مؤكدًا أن الشعب الإيراني، رغم ما وصفه بالانتصار العسكري، لا يزال مستهدفًا بحملات دعائية تقودها إسرائيل وشبكاتها الإعلامية.
وفي ما يتصل بإمكانية شن هجوم جديد، شدد طلائي على أن إيران في أعلى درجات الجاهزية لكافة السيناريوهات والتهديدات، وبمستوى استعداد يتجاوز ما كان عليه خلال حرب الـ12 يوماً، موضحًا أن تخطيط مدى الصواريخ يتم بما يتلاءم مع متطلبات الدفاع والتحديات المحتملة.
وفي المقابل، أفادت صحيفة معاريف الإسرائيلية، أمس الاثنين، بأن إسرائيل تمهّد لاحتمال مواجهة عسكرية جديدة مع إيران من خلال إنشاء ما وصفته بـ"حدائق خلفية" إقليمية، تمنحها هامشًا أوسع للمناورة العسكرية.
وأوضحت الصحيفة أن هذه "الحدائق الخلفية" تتيح لإسرائيل استخدام مطارات بديلة لتقليل الخسائر المحتملة في حال توجيه ضربة ضد طهران، مشيرة إلى أن التحالف مع اليونان و**قبرص** يُعدّ استراتيجيًا في هذا السياق.
وأضافت أن اليونان تمتلك قوة جوية متطورة تشمل طائرات "إف-35" و"إف-16"، ما يوفر لإسرائيل إمكانيات لوجستية وعسكرية كبيرة يمكن الاعتماد عليها في حال اندلاع حرب جديدة، فيما تمتلك قبرص قوة جوية أصغر، لكنها تتمتع بقدرات قتالية ومهارات نقل بالمروحيات، ما يجعلها، وفق توصيف الصحيفة، بمثابة "حاملة طائرات" متقدمة لإسرائيل.
وتأتي هذه التصريحات المتبادلة في ظل سباق مفتوح على تثبيت معادلات الردع في المجال الصاروخي، حيث بات هذا الملف يشكل جوهر الصراع غير المباشر بين إيران وإسرائيل، وسط غياب أي مؤشرات فعلية على تهدئة مستدامة، ما يبقي المنطقة أمام احتمالات تصعيد محسوبة، لكن شديدة الخطورة.