نقلت القناة الـ12 الإسرائيلية عن مسؤولين في البيت الأبيض قولهم إنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب يسعى إلى تسريع وتيرة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مشيرين إلى أنّ الشهر المقبل قد يشهد الإعلان عن مجلس سلام، إلى جانب تشكيل حكومة تكنوقراط وقوة استقرار تتولى إدارة الوضع في القطاع.
وبحسب القناة، عبّر المسؤولون الأميركيون عن تزايد استياء فريق ترامب من الخطوات التي يتخذها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معتبرين أنّ هذه الخطوات تقوّض مسار الاتفاق وتعرقل الانتقال إلى مراحله اللاحقة.
ووفق القناة نفسها، اتهم أحد المسؤولين الأميركيين إسرائيل بالمماطلة في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وخرقه أحيانًا، في حين قال مسؤول آخر إنّ "الإسرائيليين يبدون ندمًا على اتفاق غزة منذ فترة". كما نُقل عن مسؤول في البيت الأبيض قوله إنّ "تنفيذ اتفاق غزة صعب بطبيعته، لكن إسرائيل تجعل الأمر في بعض الأحيان أكثر تعقيدًا"، مضيفًا: "نشعر أحيانًا أنّ قادة جيش إسرائيل في الميدان يتساهلون في استخدام القوة".
في موازاة ذلك، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بوجود تباين في المواقف حيال المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بين مبعوث الرئيس الأميركي ستيفن ويتكوف وصهر ترامب جاريد كوشنر من جهة، وموقف نتنياهو من جهة أخرى، في ما يعكس خلافات سياسية تتجاوز التفاصيل التقنية للاتفاق.
ويأتي هذا المشهد في وقت يتعثر فيه الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، رغم مرور فترة معتبرة على بدء تنفيذ المرحلة الأولى، وسط مؤشرات متزايدة على أنّ الجمود الحالي لا يرتبط بعوائق إجرائية بقدر ما يعكس حسابات إسرائيلية داخلية وسقف شروط سياسية وأمنية مرتفع لاستكمال الاتفاق.
وفي الميدان، تواصل إسرائيل خرق اتفاق وقف إطلاق النار، فيما أكدت وزارة الصحة في غزة أنّ الخروقات الإسرائيلية المستمرة أسفرت عن استشهاد مئات الفلسطينيين منذ بدء سريان الاتفاق في تشرين الأول الماضي، ما يضع الاتفاق أمام اختبارات يومية ويزيد من هشاشته السياسية والأمنية.
وفي هذا السياق، تبرز مقاربة ترامب لملف غزة بوصفها محاولة لإعادة صياغة مسار سياسي وأمني يتجاوز منطق التهدئة المؤقتة، نحو ترتيب أوسع لمرحلة ما بعد الحرب. فالرئيس الأميركي ينظر إلى وقف إطلاق النار كمدخل إلزامي لإعادة هندسة الحكم في القطاع، عبر صيغة تقوم على مجلس سلام انتقالي وحكومة تكنوقراط محدودة الصلاحيات، تتولى إدارة الشؤون المدنية والخدماتية، بالتوازي مع نشر قوة استقرار تضبط الوضع الأمني وتمنع العودة إلى المواجهة.
غير أنّ هذه التصورات تصطدم بتباينات داخلية أميركية من جهة، وبخلافات عميقة مع الحكومة الإسرائيلية من جهة أخرى، إذ يظهر تمايز واضح بين مقاربة فريق ترامب التي تميل إلى تسريع الانتقال السياسي واحتواء التداعيات الإنسانية، وبين حسابات نتنياهو المرتبطة بالتوازنات الداخلية الإسرائيلية وسقف الشروط المطروحة للمرحلة الثانية.
ومن هنا، تتقاطع الضغوط الأميركية المتزايدة مع واقع ميداني معقد، يجعل تنفيذ الاتفاق هشًا وقابلًا للاهتزاز، فيما يحاول ترامب تقديم نفسه كصاحب مشروع سلام قابل للحياة، يصطدم بتناقضات الحلفاء قبل الخصوم، وبسؤال لم يُحسم بعد حول شكل السلطة في غزة وحدود النفوذ وضمانات الاستقرار بعد إسكات صوت الحرب.