ليبانون ديبايت - فادي عيد
على أكثر من محور وجبهة مالية وسياسية، يتحرّك رئيس الحكومة نوّاف سلام، في الأيام القليلة الفاصلة عن نهاية عام وبداية عام جديد. وبالتوازي مع احتدام مواجهة الحكومة على محور مشروع قانون "الفجوة المالية"، إنطلقت في الساعات الماضية مواجهة يصحّ توصيفها ب"المفتوحة" على عدة سيناريوهات في العام الجديد، وتتناول المرحلة الثانية من خطة الجيش اللبناني لحصر السلاح، والتي أعلن رئيس الحكومة أنها ستعقب فوراً المرحلة الأولى، لتشمل المنطقة الواقعة بين نهر الليطاني ونهر الأوّلي، مؤكداً على جهوزية الجيش اللبناني للمباشرة بهذه المهمّة.
وتأتي خطوة استكمال خطط "حصرية السلاح"، في سياقٍ مختلف بمرحلتها الثانية، إذ تضعها مصادر نيابية مواكبة، في سياقٍ جديد محفوف بالتحديات، خصوصاً وأن "حزب الله" يحصر هذه العملية بجنوب نهر الليطاني فقط، رغم أنه لا يرى في "حصرية السلاح"، إلاّ "مشروعاً أميركياً ـ إسرائيلياً".
وفي الوقت الذي يبدو فيه واضحاً أن الحزب قد أقفل الباب أمام أي مرحلة جديدة في هذا المجال، تسلّط المصادر النيابية نفسها، الأضواء على موقف رئيس الحكومة من هذه المسألة، والتي تكمن أهميته في الفصل بين خطة الجيش اللبناني والواقع الإسرائيلي على الأرض، فهو لم يتبنَّ مقاربة الحزب القائمة على اشتراط وقف الضربات الإسرائيلية قبل البحث في المرحلة الثانية، على قاعدة أن حصر السلاح هو واجب الدولة تجاه نفسها، ودستورها، وسيادتها، وبسط سلطتها على كامل أراضيها، وحصر السلاح بيدها وحدها، من دون أي شريك داخلي أو خارجي، وبأنها ليست مسألة تفاوض أو مقايضة.
ويترك السقف المرتفع لقيادة الحزب التي أكدت رفضها التسليم للخطة شمال الليطاني، ظلالاً قاتمة حول ما ينتظر خطة "حصرية السلاح" في العام 2026، فيما لا تُخفي المصادر النيابية، مخاوفها الجدية من الدوران في حلقة مفرغة من السجالات السياسية التي لن تخلو من المزايدات، بينما الكل يعرف أن تصعيد الحزب لا يتجاوز حدود تسجيل الموقف، خصوصاً وأن المواجهة على طاولة لجنة "الميكانيزم"، تحوّلت إلى ديبلوماسية من خلال الدينامية التفاوضية التي سحبت من إسرائيل كل الذرائع للتصعيد وإبقاء لبنان تحت الضغط العسكري الدائم.
وعند هذا الحدّ، تكشف المصادر النيابية ذاتها، عن معلومات تفيد بفتح قنوات تفاوض موازية للمفاوضات ضمن "الميكانيزم"، والتي تدخل فيها عواصم عربية وأوروبية، على أن تبقى الكلمة الأخيرة فيها للرئيس دونالد ترامب الذي استدعى بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة، وسيبحث معه اليوم في منتجع مار آلاغو، مستجدات الملف اللبناني والإنسحاب الإسرائيلي من النقاط ال6 في الجنوب.
في الواقع، ووفق المصادر عينها، فإن المسألة لم تعد محصورة بحصر السلاح من جنوب الليطاني أو شماله، بل باتت أولويةً ستنسحب قريباً أيضاً على المخيّمات الفلسطينية، كي لا يبقى سلاح خارج إطار الدولة.
والأهمّ من تبادل الرسائل بين الحكومة والحزب الذي يقفل عليه العام 2025، يبقى في تلمّس خلاصات اجتماع ترامب ـ نتنياهو في الساعات القليلة المقبلة، والذي سيحدّد ملامح بداية العام 2026 لجهة ما إذا كان الضغط الأميركي سينجح بدفع نتنياهو إلى وضع بندقيته المرفوعة في لبنان جانباً، والعودة إلى مشهدية تشرين الثاني 2024 واتفاق وقف النار والإنسحاب من جنوب لبنان.