المحلية

ليبانون ديبايت
الثلاثاء 30 كانون الأول 2025 - 14:26 ليبانون ديبايت
ليبانون ديبايت

إدارة التصعيد لا توسيعه..."البيدق"لا يتقدم على قرار "الملك"

إدارة التصعيد لا توسيعه..."البيدق"لا يتقدم على قرار "الملك"

"ليبانون ديبايت"

في ظل التحركات السياسية المتسارعة والتوترات الأمنية المتصاعدة في المنطقة، عاد اللقاء الذي جمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليطرح علامات استفهام كبرى حول اتجاهات المرحلة المقبلة، ولا سيما على جبهتَي إيران وغزة، وانعكاس ذلك على الساحة اللبنانية. وبين حسابات الحرب والاستنزاف، وسياسات الضغط والتأجيل، تتقاطع المصالح الأميركية والإسرائيلية عند حدود معيّنة وتفترق عند أخرى.

 في هذا الإطار، يقدّم الخبير العسكري العميد المتقاعد بهاء حلال قراءة تحليلية معمّقة لما دار في كواليس هذا اللقاء، واضعاً إياه في سياق إقليمي أشبه برقعة شطرنج، حيث تُدار الصراعات بخيارات محسوبة، وتُؤجَّل المواجهات الكبرى بانتظار اللحظة السياسية المناسبة.


ويرى العميد حلال، في حديث إلى موقع "ليبانون ديبايت"، أن الاجتماع الأخير، الذي يأتي بعد نحو تسعةٍ وعشرين شهراً في "رحاب الملك"، يمكن تشبيهه برقعة شطرنج واحدة، حيث يدور النقاش بين "البيادق" و"الملك" على الرقعة نفسها، إلا أنه يشدد على أن قرار "البيدق" لا يمكن أن يتقدّم أو يسمو على قرار "الملك".


وبحسب حلال، فإن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو من رسم الإطار العام للسياسة المعتمدة وحدّد أولوياتها بوضوح، واضعاً إيران في المرتبة الأولى، تليها غزة في المرتبة الثانية.


ويؤكد أن إيران كانت في صدارة المشهد، ولا سيما بعد الضربات التي طالت منشآتها النووية وما رافقها من تجميد، ويرى أنه لو قبلت طهران بالمفاوضات في وقت سابق، وفق المنطق الاميركي، لكان بالإمكان تجنّب هذه المرحلة، أما اليوم، فإن أي محاولة لإعادة تفعيل المنشآت النووية ستقود حتماً إلى ضربات جديدة ،ك ما يهدد ترامب، ومع ذلك، يستبعد حلال أن يكون الهدف إسقاط النظام الإيراني، لأن إسقاطه سيؤدي، برأيه، إلى فوضى شاملة في ظل اقتصاد منهك، وفساد متجذّر، وضغوط معيشية خانقة، واختلال اجتماعي عميق، ما قد يفضي إلى انهيارات أكبر، برأي الرئيس الاميركي، خصوصاً مع التدهور الحاد في قيمة العملة الإيرانية أمام الدولار.

ومن هذا المنطلق، يتوقف حلال عند الاضطرابات التي بدأت تشهدها إيران، والمتزامنة مع اجتماع ترامب ونتنياهو، معتبراً أن هذا التزامن لا يمكن فصله عن سياسة الضغط المستمر على طهران.


أما غزة، فيضعها في المرتبة الثانية ضمن هذا الترتيب الأميركي، ويشير حلال إلى أن جوهر النقاش يتمحور حول الانتقال إلى "المرحلة الثانية"، موضحاً أن بنيامين نتنياهو لا يرغب في الذهاب إلى مرحلة جديدة في غزة، لأنه يفضّل البقاء في موقع "مدير الاستنزاف"، مستفيداً من استمرار الحرب لتأجيل الانتخابات الإسرائيلية في ظل تراجع شعبيته الداخلية. كما يسعى إلى تبرير هذا التأجيل بذريعة استمرار العمليات العسكرية في الجنوب.

ويضيف العميد حلال " أن الانتقال إلى مرحلة جديدة يفرض على إسرائيل استحقاقات كبيرة، أبرزها فتح المعابر، والانسحاب من مساحات واسعة احتلتها خلال العمليات العسكرية، إضافة إلى طيّ صفحة الحرب المفتوحة على غزة،ما يُسمّى "المعركة بين الحروب" على غرار لبنان داخل غزة يبدو غير قابل للتطبيق عملياً".


وفي هذا السياق، يقرأ حلال ما نُقل عن المسؤولين الأميركيين على أنه منح هامش لنتنياهو في ملف غزة، مع التلويح الواضح بأن عدم تسليم السلاح ستترتب عليها "أثمان باهظة".


وعند مقارنة الخطاب الأميركي تجاه حركة حماس بما قيل عن حزب الله، يلاحظ حلال فارقاً واضحاً في النبرة، إذ وُجّهت لحماس تهديدات مباشرة وصريحة، في حين اقتصر الكلام عن حزب الله على توصيف عام بأن سلوكه "سيئ"، مع الإشارة إلى ضعف أو تراجع دور الحكومة اللبنانية، من دون قرارات حاسمة أو تهديد بدفع أثمان كبرى كما حصل في حالة غزة.


ويلفت أيضاً إلى غياب أي إنذار مباشر للبنان على غرار ما وُجّه إلى حماس، ما يعزّز الاعتقاد بأن الملف اللبناني يُدار حالياً بمنطق "التأجيل"، وربما تحت عناوين إنسانية أو أمنية، بهدف ترحيل الاستحقاق إلى مرحلة لاحقة. ويجد في ذلك انسجاماً مع موقف رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الذي تحدث عن "إبعاد شبح الحرب عن لبنان".


في المقابل، يشير حلال إلى أن الجيش اللبناني يواجه تحديات كبيرة في تنفيذ المرحلة الأولى من مهمته، في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي لنحو 24 أو 25 قرية، إضافة إلى تلال استراتيجية وأودية يُحتمل وجود منشآت عسكرية فيها، ولا يستطيع الجيش الوصول إليها، ما يعيق استكمال تنفيذ هذه المرحلة بالكامل.


ويذكّر بأن الجيش اللبناني كان قد أعلن خطة لحصرية السلاح على خمس مراحل، تبدأ مرحلتها الأولى جنوب نهر الليطاني، مع احتواء السلاح في باقي المناطق، أي منع انتقاله أو استخدامه خارج إطار الدولة. أما المرحلة الثانية، فتبدأ شمال الليطاني، على أن تُستكمل المراحل اللاحقة تبعاً للتطورات السياسية والأمنية.


ويوضح أن الجيش لم يحدّد حتى الآن "ساعة صفر" لبدء أي مرحلة أو لانتهائها، إذ إن بدء أي مرحلة مرتبط بانتهاء المرحلة السابقة، فيما يُحدَّد وقت الانتهاء حصراً عند إعلان الجيش ذلك رسمياً. وبناءً عليه، يبقى الجميع في حالة ترقّب لما ستؤول إليه هذه الخطة وكيفية تطبيقها ميدانياً.


وفي خلاصة تقييمه، يرى العميد بهاء حلال أن المقاربة الدولية التي يعتمدها الرئيس الأميركي دونالد ترامب تختلف، بل تتعارض في بعض المفاصل، مع مقاربة نتنياهو. لذلك، لا يتوقع خطراً حقيقياً أو وشيكاً بتوسّع الحرب في لبنان إلى مواجهة شاملة.


وبرأيه، فإن أقصى ما يمكن أن يحصل هو منح إسرائيل هامشاً محدوداً لتنفيذ ضربات أو قصف مواقع محددة، ضمن سقف واضح يقتصر على استهداف مراكز عسكرية بعينها، وفي إطار آليات الاشتباك القائمة، أي ضمن منطق "إدارة التصعيد" لا توسيعه.


تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة