ليبانون ديبايت:

بلغ السيلُ الزبى في بلدة الكفور قضاء النبطية من جراء تعمد أحزاب المنطقة السير على أجساد الأهالي ولو أصبحوا جثثاً، هو واقع مرير تعيشه البلدة الجنوبية التي يتعانق مسجدها مع كنيستها، الواقع ذاته يدفع الأهالي إلى الخروج عن طاعة أولياء الأمر الذين لا يكترثون إلّا بمصالحهم ضاربين عرض الحائط بصحة الناس ولو كلفهم ذلك السير على الجثث!

هي مشكلة قديمة جديدة نشأت يوم قرّر الإتحاد الأوروبي إنشاء معمل فرز صحي للنفايات في البلدة، لكن الحل تحوّل وبفضل قدرة قادر والمصالح الشخصية إلى لعنة تدفع ثمنها البلدة بطبيعتها وناسها يوم تحول إلى مطمر ثم مكبٍ عشوائي يأكل كل ما في جواره وحوّل البلدة الشهيرة بالطبيعة الخضراء إلى "مزبلة" في وضح النهار!

البلدية، التي بُحّ صوتها منذ يوم إنتخابها، تسعى إلى تدارك المصيبة عبر السعي إلى إيجاد حل للمكب. الحل هذا يبدو أنه بعيد عن متناول اليد خاصة وأنه يدخل طمن مصالح أحزاب المنطقة، بين مسؤولي حركة أمل الحامين للمكب والمستفدين منه على ظهر البلدية والأهالي، وحزب الله الرافض كلياً للخوض في غمار معركة مع "أمل" يمكن أن تفهم بشكلٍ خاطئ في السياسة، ما يدفعه للسكوت لا بل محاربة كل من يجاهر بإغلاق المطمر - المكب!

بين هذا وذك يخرج إتحاد بلديات الشقيف حاملاً بيده عصا رمي النفايات بشكلٍ عشوائي. تقول مصادر بلدية "الكفور" في حديثٍ إلى "ليبانون ديبايت"، أن الإتحاد يقوم بجمع نفايات ما يقارب الـ45 بلدية في نطاقه ورميها بشكلٍ عشوائي داخل المكب مما أدى إلى إمتلاءه وعدم قدرته على إستيعاب المزيد، وما يزيد الطين بلة، والحديث للمصادر، "توقف المعمل عن الفرز حيث أن النفايات الوافدة ترمى في المكب بالخارج دون أدنى معالجة صحية وهو ما تسبّب بتكرار الحرائق الناتجة عن إحتكاك الغازات في النفايات الغير مفروزة التي تشمل أيضاً نفايات طبية ممنوع طمرها!". المستفدون من المكب آثروا الإستمرار في إبتزاز المعارضين له، وهم للغاية مدّدوا مساحة المطمر عبر إستخدام قطعة أرض جديدة في محيطه وضمّها إلى المكب بغاية إكمال العمل، وهو ما فجّر غضب البلدية والأهالي معاً، على ما تقول مصادر البلدية.

وتكشف مصادر بلدية الكفور لـ"ليبانون ديبايت"، أنها في طور التحضير لتحركات على الرغم من كل الضغوطات، وهي وجّهت قبل أيام كتب إلى كل من إتحاد بلديات الشقيف، الشركة المشغلة لمعمل الفرز، وزارة البيئة والمحافظ، مسهبةً في شرح أضرار المطمر وما ينتج عنه وما يجري في البلدة من حالات إعتراض تكاد تنفجر وتتسبّب بما لا يحمد عقباه في حال عدم المسارعة في إيجاد حل جذري للمطمر الذي يجسو على صدر البلدة.

وعلى ضفاف هذه الأزمة، تدخل في صلبها تدخلات تحمل أبعاداً سياسية، حيث أن المصادر تكشف أن "أحد مسؤولي حزب الله المدعو ح.ح تدخل شخصياً ليضغط على البلدية لإجبارها على عدم التحرك من أجل إغلاق المكب" عاملاً على توجيه تهديدات له في حال أقدم على ذلك، وهو ما دفع الرئيس إلى التلويح بالإستقالة مع عدد كبير من الأعضاء المحسوبين أساساً على حزب الله في حال بقي الأمر على ما هو عليه، كاشفةً في السياق أنها "تتعرض لضغوط واسعة من قبل مسؤولين في الحركة والحزب بهدف عدم السماح لهم بتقديم إستقالاتهم" في وقتٍ يتجه بعض الأعضاء إلى "رفض الإستقالة على إعتبار أنهم لا يريدون ترك البلدة لقمة سائغة للمستفدين".

ويتهم نشطاء في الكفور، بعض مسؤولي حركة أمل، بإنهم "يقفون خلف المكب إن لناحية الإستفادة المادية أو لناحية حمايته وهم يحاولون إستثمار بعض مسؤولي حزب الله من أجل زيادة الدعم لمشروع المكب والأخير يتحاشى الدخول في صدام ويرد السبب إلى ذرائع سياسية".

وعلى خط الأهالي يبدو أن الأمر أصعب، هؤلاء الذين يضغطون على البلدية من أجل إيجاد حل، لا يتفهمون أن بلديتهم بات لا قدرة لها على فعل شيء، في وقتٍ تجتاح أسراب الروائح الكريهة منازلهم وبات من الصعب العيش في البلدة التي لطالما إشتهرت بأنها موقع للاصطياف، في حين يغمز البعض منهم من أن غاية بعض الأحزاب "تهجير الناس من منازلها من أجل تحويل الكفور إلى مزلة وهو أمر لن يمر ولو على جثثنا".