Beirut
16°
|
Homepage
لا خلاص في لبنان سوى بالعلمنة
شربل الأشقر | المصدر: الديار | الاثنين 22 أيار 2017 - 6:47

منذ دستور 1926 وميثاق 1943 غير المنصوص والذي اتفق على أساسه الرئيسان بشاره الخوري ورياض الصلح على أن يكون رئيس جمهورية لبنان المستقل حديثاً مارونياً ورئيس الحكومة سنياً ورئيس مجلس النواب شيعياً وأن يكون توزيع النواب على أساس 6 مسيحيين مقابل 5 مسلمين عاش لبنان واللبنانيون حالة استقرار طائفية إلى حين توقيع اتفاق القاهرة عام 1969 برعاية عربية اللذي شرّع وجود الفلسطيني المسلح والذي شرع تحرير فلسطين المحتلة من قبل العدو الإسرائيلي انطلاقاً من جنوب لبنان.

في ذلك الحين كان ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية. لكن هذا الأخير لم يكتف بما ذكر أعلاه بل بدأت مناوشات مع القوى المسيحية بخاصة مع حزب الكتائب توجت بأحداث "بوسطة" عين الرمانة سنة 1975 واندلاع الحرب الأهلية الطائفية اللبنانية (والتي كان المخطط لها وزير خارجية الولايات المتحدة الاميركية آنذاك اليهودي هنري كيسنجر) بين الفلسطينيين المدعومين من المسلمين تحت اسم "القوى الوطنية" من جهة والقوات المسيحية من جهة ثانية كحزب الكتائب والوطنيين الأحرار ولاحقاً القوات اللبنانية التي أسسها الشيخ بشير الجميل. ثم تطورت إلى عدة حروب جانبية آخرها حرب الإلغاء بين الجيش والقوات.

إنقسمت البلاد بين مسلم ومسيحي وحتى بين مكونين في الطائفة نفسها وحتى في المذهب نفسها وبدأنا نتكلم عن الطائفية والمذاهب بعصبية حادة.


حين انتهت الحرب في العام 1990 واتفق النواب في مدينة الطائف السعودية على دستور جديد سمّي باتفاق الطائف الذي نص في الفقرة ح من مقدمة الدستور على إلغاء الطائفية السياسية، انتقل لبنان مما كان يسمى "بالمارونية السياسية" إلى ما يسمى بـ"السنية السياسية" بخاصة بوجود رجل بحجم الرئيس الشهيد رفيق الحريري على رأس الحكومة وانتقال قسم كبير من صلاحيات الرئيس الماروني إلى مجلس الوزراء الذي يرأسه سنّي.

لكن جوهر الموضوع أنّ لبنان ظل طائفياً وما جرى هو فقط انتقال الصلاحيات من الموارنة إلى السنة.

الآن وبعد مرور أكثر من 26 سنة على اتفاق الطائف وعلى الفقرة ح التي تنص على إلغاء الطائفية السياسية لم يتغير شيء لا بل إنتقلت الطائفية والمذهبية إلى إدارات الدولة و الأحزاب (باستثناء الحزبين القومي والشيوعي) والأندية الرياضية والاجتماعية والجمعيات والنقابات ومحطات التلفزة وبعض الصحف والمدارس الخاصة والرسمية حتى أنّ الجامعة اللبنانية باتت منقسمة بين فرع أوّل للمسلمين وفرع ثان للمسيحيين... والأخطر من كل ذلك انتقلت الطائفية والمذهبية إلى نفوس اللبنانيين وعقولهم وكل ذلك تحت أعين ورعاية المطارنة والمشايخ و الزعماء السياسيين الذين لولا الاحتماء وراء طوائفهم ومذاهبهم لكانوا أغلبيتهم في السجون. فبات من النادر جداً أن نشاهد برنامجاً سياسياً عبر شاشات التلفزة دون أنّ نسمع مرارا وتكرارا كلمات مسيحي وشيعي وسنّي ودرزي أياً يكن الموضوع من الانتخابات البلدية وصولاً إلى الرؤساء الثلاثة مروراً بالانتخابات النيابية وتشكيل حكومة وتعيين موظفي الدولة...

إلغاء الطائفية السياسية أمر ضروري لبناء وطن وكيان غير طائفي لكن لا يمكن فعل ذلك قبل تطبيق العلمنة وفصل الدين عن الدولة كما فعلت فرنسا قبل أكثر من قرن وبالتحديد في عام 1905 وكما هو الحال في جميع الدول المتقدمة وحتى في دول افريقيا.

لا يمكننا تطبيق العلمنة بين ليلة وضحاها بل يجب تحضير المجتمع لهكذا إجراء وبخاصة الأولاد في المراحل الابتدائية كما يجب البدء بتطبيق قانون أحوال شخصية عصري وعلماني وإنشاء مجلس شيوخ ثم انتخاب مجلس نيابي على أساس العلمنة.

العلمنة ليست بمنع كل مؤمن من ممارسة شعائره الدينية حسب طائفته ومعتقداته الدينية بل الهدف منها إيصال كل رجل أو امرأة إلى أي منصب في الدولة حسب كفاءته وليس حسب طائفته ومذهبه فزعماؤنا يبحثون عن قانون انتخابي منذ عدة سنوات ولا يتفقون على قانون بسبب الطائفية والمذهبية فيطبقون القوانين الطائفية دون التفكير ولا للحظة في البدء ببناء دولة علمانية بالطبع لن تخدم مصالحم كونهم رؤساء أحزاب طائفية.

كما أنّ البعض بدل أن يتكلم عن العلمنة وإلغاء الطائفية السياسية كما ذُكر في مقدمة الدستور، يتكلم عن الأكثرية والأقلية وعن المثالثة وعن المداورة وهذا كلام يدفع حتماً الفريق المغبون إلى التفكير في ان فدرالية الطوائف لن تتحقق الا من خلال حروب طائفية جديدة.

قال الفيلسوف الألماني مُلهم الشيوعية العالمية في القرن التاسع عشر كارل ماركس "أنّ الدين هو "أفيون" الشعوب" فبعد الثورة الشيوعية في روسيا في تشرين الأول 1917على يد فلاديمير لينين وليون تروتسكي وجوزيف ستالين تم تدمير الكنائس والجوامع في الاتحاد السوفياتي وتحويلها إلى متاحف ومُنع الشعب من ممارسة شعائره الدينية. لكن تبين بعد نحو قرن بخاصة مع انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1989 أنّ كارل ماركس كان مخطئاً فالدين هو عنوان ورافعة لتطور الشعوب والمجتمعات. لكن فصل الدين عن الدولة وإرساء العلمنة كانا العنوان العريض في الدول المتقدمة في القرن الـ 20 والتي تكفل حقوق الأقليات في الحيات السياسية...

أمّا في لبنان وفي القرن الـ 21 فنشهد بعد كل ما عانيناه أنّ التشنج الطائفي والمذهبي بلغ ذروته في إقرار قانون انتخابي لمجلس النواب كما انه لا تأليف لحكومة سوى على قاعدة الطائفية والمذهبية ولا تعيين لموظف في إدارات الدولة إلا على قاعدة الطائفية والمذهبية... ولا موقع مسؤولية في أي قطاع لأصحاب الكفاءات الا خلال رضى الزعيم الطائفي.

كما أنّ العلمنة تخضع المواطن إلى قوانين الجمهورية وإلى المواطنة بدل الخضوع لمشيئة المراجع الدينية وهذا يدفعنا الى القول انّ لبنان في الوقت الراهن ليس جمهورية بل هو بلد مكون من إمارات طائفية تجمعها اللغّة فقط.

لبنان الطائفي لن يصبح كياناً مستقلاً ولن يدوم كجمهورية في ظل الطائفية التي تشهد تشنجاً طائفياً ومذهبياً عند كل استحقاق إما أن يبدأ تطبيق العلمنة وبعد ذلك إلغاء الطائفية السياسية وإمّا نحن ذاهبون إلى فيديرالية الطوائف عاجلاً أم آجلاً.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
"سوريا الثورة" تثير البلبلة في البترون! (صور) 9 الحزن يخيم على عائلة الحريري! 5 بو صعب خارج "التيّار" رسميًا! 1
إنتشار عسكري "غربي" في لبنان وحشود إيرانية وروسية وصلت.. عماد رزق: بيروت ستقصف وحرب التحرير بدأت! 10 "رح نحمي بيوتنا" و"الله أكبر سوريا"... غضبٌ عارمٌ وثورة سورية قريباً في البترون! 6 الحقيقة بشأن جريمة باسكال سليمان 2
نائب يتعرض لوعكة صحية! 11 "الرجل الطيب الودود"... الحريري ينعى زوج عمته 7 كلاب بوليسية وانتشار أمني... ماذا يجري في الضاحية؟ 3
إشتباك أميركي - سعودي.. البخاري يعلق مشاركته في الخماسية؟ 12 في جونية... سوريّون يسرقون مخزناً للبزورات! 8 إشكال وجرحى في بلدة لبنانية... ما علاقة "الزوجة الثانية"؟! (فيديو) 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر