"ليبانون ديبايت" - طوني بولس

طبول الحرب تسمع من عرسال وجرودها في وقت تستمر المفاوضات بين "حزب الله" و"جبهة فتح الشام" عبر وسيط من إحدى العشائر السورية حول إنسحاب عناصر فتح الشام وعائلاتهم إلى محافظة إدلب، في حين يرفض هؤلاء العرض، ويناقشون فتح طريق آمن لإنسحابهم بآلياتهم وسلاحهم إلى تلك المحافظة، وقد وضع "حزب الله" الذي أخرج الجيش من معادلة القرار 15 تموز موعداً للحسم.

وفي المقابل وبحسب مصادر مواكبة لمجريات الأحداث في عرسال، يلاحظ تراجع في إندفاعة الجيش اللبناني عن تحرير جرود عرسال اللبنانية من المسلحين الذين يتخذون بعض المخيمات كدروع بشرية لهم، مع تزايد الضغوطات السياسية لإنشاء غرفة تنسيق مشتركة بين "الجيش" و"حزب الله" و"النظام السوري"، مستغلة "التخبط" الحاصل بعد العملية الإستباقية الأخيرة.

وفي هذا السياق تقول المصادر أنه وقبل وصول "الجيش اللبناني" الى مخيمي النور والقرية فجر الجمعة 30 حزيران الماضي، فوجىء بهجوم إنتحاري أدى الى إصابة عدد من عناصره بجروح كذلك تعرض عدد من عناصره لإلقاء عدد من القنابل اليدوية، مستنتجة أن بعض العناصر المسلحة في الجرود كانت على علم بالعملية فتحصنت بين النازحين في المخيمات وإستعدت لمهاجمة القوة العسكرية لحظة وصولها.

وتؤكد تلك المصادر أن الجيش لم يكن ينوي القيام بعمل عسكري داخل المخيمات، إنما كان يريد توقيف عدد من الأشخاص لديه معلومات عن نيتهم التحضير لعمل أمني في لبنان، إنما الجهة التي سربت الخبر لجهات داخل المخيم كانت تريد توريط الجيش بدم المدنيين لجرّه الى فتنة مع المخيمات ومن ورائها تحريض السنة في لبنان على الجيش.

كذلك لم تستبعد أوساط سياسية أن يكون سبب وفاة عدد من الموقوفين السوريين مفتعلاً بإيعاذ من جهة حزبية مؤثرة في لبنان بهدف تشويه صورة الجيش أمام الرأي العام العربي والدولي ولاسيما الولايات المتحدة الأميركية والتي تظهر كل الدعم اللوجستي والعسكري للجيش اللبناني، إضافة الى توريطه بتحقيق محلي ودولي يُربك المؤسسة العسكرية ويجعلها بمعرض الإتهام والمحاسبة.

هذا السياق الجهنمي إن دلّ على شيء, فهو يدلّ على محاولة لإجهاض إنتصاراً كبيراً للجيش اللبناني بتحرير الجرود المحتلة لو أعطي له الغطاء السياسي لذلك، وهذا أمر يسقط ذريعة "حزب الله" بأنه الوحيد القادر على خوض حروب العصابات كونه كسب خبرة طويلة بمواجهة العدو الإسرائيلي ولاحقاً الخبرة التي اكتسبها من الميدان السوري.

السيناريو الذي حصل مع الجيش هو اسوء ما يمكن أن يحدث، "الجيش" في مواجهة مع الرأي العام المحلي والعربي والدولي، لجنة تحقيق تتقصّى حقيقة وفاة السوريين، تشكيك برواية الإنتحاريين... وكالعادة هناك من يقتنص الفرص الضائعة، فسرعان ما تم التداول عن إستقدام تعزيزات إضافية لـ"حزب الله" من الجهة السورية لجرود عرسال وطائرات النظام السوري لم تفارق أجواء الجرود اللبنانية، وكأن هناك من لعب لعبته الخبيثة ووضع الجيش مرة جديدة خارج اللعبة وإستلم مبادرة التحرير بمواكبة جوقة سياسية تضغط من باب عودة اللاجئين لتطبيع العلاقات بين الحكومة اللبنانية وحكومة النظام السوري بتنسيق ميداني وسياسي. فهل سيستطيع "الجيش" كشف تلك الملابسات الغامضة وكشف من سحب من فمه لقمة النصر في الجرود؟