Beirut
16°
|
Homepage
سلسلة حول رقبة القضاء
المحامي عبدو إسطفان أبو جودة | المصدر: ليبانون ديبايت | الخميس 20 تموز 2017 - 16:45

"ليبانون ديبايت" - المحامي عبدو إسطفان ابو جودة

أقر مجلس النواب سلسلة حول رقبة كل لبناني من خلال المس بإستقلالية القاضي المعنوية وحقوقه المادية، وذلك ضمن إطار قانون إصلاحي يهدف الى تصحيح أجور موظفي الدولة فيما يعرف بسلسلة الرتب والرواتب وضرائب لتمويلها.

قرر المجلس ضرب حقوق القضاة والتضييق عليهم، فحرمهم من حقهم بزيادة أجورهم أقله بما يماثل نسبة التضخم، وذلك بالرغم من زيادة أجور شملت كافة أجور موظفي القطاع العام وستزيد من نسبة التضخم، كما انه تعرض الى التقديمات الإجتماعية والتعليمية وغيرها من التقديمات التي يستفيد منها قضاة لبنان، من خلال محاولة إلغاء نظام التقديمات الإجتماعية الخاص بهم، وتكليف الحكومة (السلطة السياسية) بوضع نظام موحد يشمل القضاة (السلطة القضائية) وغيرهم من موظفي الدولة وهيئاتها ومجالسها، بإستثناء تقديمات مجلسي النواب والوزراء.


وفي هذا إشكالية كبيرة، فلا يجوز المساواة ما بين القاضي والموظف العام، مع كامل الإحترام والتقدير لكليهما، إلا أن أجر القاضي لا يجوز أن ينقص عن أجر المدير العام، أو حتى عن أجر النائب او الوزير، وبمجمل الأحوال يجب منح القاضي زيادة تماثل على الأقل الزيادة الممنوحة للموظفين، وخاصة أن أي زيادة تطال القطاع العام والمدرسين ستؤدي حتماً الى زيادة بالأسعار وغلاء معيشة، وحرمان القاضي من الزيادة السالف ذكرها يعني حكماً، نقصاً في قدرته الشرائية وهو غير جائز ولا مقبول.

إستقلالية القاضي تنطلق من إستقلاليته المادية وقدرته على الإكتفاء الذاتي وتأمين العيش الكريم له ولعائلته، وذلك بمستوى يليق بدولة لبنان. المس بنظام صندوق تعويضات القضاة وإستقلاليته، يشكل تعد على حقوق القضاة المكتسبة، ومحاولة للي ذراع الجسم القضائي، وإحراج أصحاب القدرة والنزاهة لتقديم إستقالتهم، لتطويع من يتبقى، وتعيين من يستزلم.

لا يمكن تحميل القضاة تبعة عدم تجهيز العدليات بالتجهيزات اللازمة وعدم تدريب المعاونين القضائيين، وعدم مكننة السجلات والمحاضر، الخ... ، وبجمل الأحوال إن عمل الجسم القضائي مصدر دخل للدولة اللبناني وإطلاق يده وإعطائه إستقلاليته الكاملة، ووقف تدخل السياسة وعرقلة أعماله من خلال ما يزيد من إنتاجيته ويزيد من دخل الدولة ويزيد ثقة المستثمر في لبنان، مما قد يعطي الدفع المطلوب لعودة الإستثمار الى لبنان وقد يمول أكثر من سلسلة، مع الإشارة الى أن عدد القضاة وكل أجورهم لا تشكل فاصلة من فواصل ميزانية الدولة.

وهذا في الشق المادي فقط، أما في ما يتعلق بأثر القرار على مفهوم السلطة القضائية، فعلى الساسة رفع يدهم عن القضاء والقضاة.

إن إستقلالية الجسم القضائي، إن من حيث التمويل أو من حيث الصرف وتحديد وسائل وأصول وماهية التقديمات الإجتماعية، وإنتخاب مجلس القضاء الأعلى (لا تعيينه سياسياً) وإجراء التشكيلات والمناقلات دون تدخل من السلطة السياسة، هو حق للقاضي، لا بل واجب عليه، وواحب على الجسم القضائي ومعاونيه والمتعاملين معه، التضامن والعمل بجدية، ليصبح القاضي مستقلاً، وفي هذا دعوة أولى للجسم القضائي بشقيه العدلي والإداري ولديوان المحاسبة، وهيئات الرقابة الإدارية ولكل مواطن دعمه بدءاً من نقابتي المحامين ونقابة خبراء المحاسبة، وغيرهم من الخبراء المحلفين، والنقابات.

مع الإشارة أن الحقوق لا تحمل، بل تطلب فعلى القضاة وعلى كل مؤمن بدولة لبنان المطالبة بإستقلالية القضاة ولو وصل الأمر الى شل العمل في لبنان بما فيها عمل السلطة القضائية، مع محاولة على قدر المستطاع الحفاظ على حقوق المواطن العادي المتضرر الأكبر من تعدي السلطة السياسية على حقوق السلطة القضائية وإستقلاليتها.

وبعد أن ثبت ان وعود السياسيين للقضاة تشبه المثل الشعبي الرائج: "قالوا للحرامي احلف قال جاني الفرج"، يبقى الأمل أن يضرب فخامة الرئيس بيد من حديد ويرد القانون لتعود ثقة الناس بالدولة، وتطبيقاً بوعده لكل لبناني بأن يكون للبنان سلطة قضائية مستقلة، وفي هذا وحده نبنى دولة لبنان القوي وفي هذا وحده يقاوم لبنان العدو الإسرائيلي ويكافح الفساد، (وقد خسر الجسم القضائي أربع قضاة في معرض دعاوى بوجه الإرهاب) فلا ديموقراطية دون الحفاظ على حقوق الأقلية والشعب ولا حقوق دون إستقلالية القضاء.

وعوضاً أن تكون السلسلة حول رقبة القاضي يجب أن تكون سلسلة لتمتين حقوق القاضي وحماية إستقلاليته فيكون العهد الجديد عهداً يكسر سلاسل الفساد وببدء بسلسلة إصلاحات تكون المدماك الأول في بناء دولة المؤسسات.

السلطة القضائية خط أحمر والسلسلة ستلتف على كل من يحاول محاصرة قضاة لبنان.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
حافي القدمين... نائب سابق يتعرّض لسرقة "من نوع آخر"! (فيديو) 9 بشار بطل عمليّة نصب كبيرة في طرابلس! (صور) 5 حادثة رئاسية فضحت "الثنائي الشيعي" 1
بقوة 5.6 درجة... زلزال "يهز" شمال تركيا! 10 عصابة "خطرة" تنشط في طرابلس... بطلتها إمرأة! 6 مستجدات فصل بو صعب من التيار! 2
تقريرٌ يكشف مصادر تمويل حزب الله 11 كليب "يُرجح" ما قد تبلغه فرنسا لِميقاتي اليوم! 7 سيناريو "مُقلق" ينتظر مطار بيروت... إنذار خطير وأيام حاسمة! 3
بشأن تعديل قيمة رسوم المعاملات... بيانٌ من الأمن العام! 12 واشنطن تكشف دورها في "الضربة الإسرائيلية" على ايران 8 "النكزة الأخيرة"... منشورٌ "ناريّ" للسيّد! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر